للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الاضطراب الذي يقع فيه أكثر أئمة الأشعرية، ومنهم أبو الحسن الأشعري نفسه الذي انتقل من قول إِلَى قول؛ يدلنا عَلَى حيرة المتكلمين عموماً، ولا سيما المتكلم الذي يريد أن يوفق بين الفلسفة، والمنطق والكلام الذي هو كلام اليونان وأمثالهم؛ وبين الكتاب والسنة، فمن كَانَ لديه حظ من الكتاب السنة ومحبة للكتاب والسنة كما كَانَ هَؤُلاءِ، لكنه في الوقت نفسه لديه قناعة بصحة كلام الفلاسفة وأمثالهم؛ نجد أنه يضطرب ولا يزال عَلَى هذا الاضطراب حتى يتمحص في الأخير لأحدهما، فالجويني أبو محمد رجع إِلَى عقيدة السلف، وابنه أبو معاذ الجويني رجع إليها، وألف الرسالة النظامية، ومن قبل رجع أبو حامد الغزالي، والرازي؛ لكن بعضهم لم يرجع وإنما اضطرب وتخبط وتناقض، فهذا التناقض ظاهرة عامة.

ولذلك نجد هنا أن المذهب السادس، والسابع، والثامن، والرابع، هي في الحقيقة ترجع إِلَى المذهب الثالث، وهو المذهب الأشعري الكُلابي، وقد يكون السبب -والله أعلم- في هذه الحيرة أنه لضعف الحجج التي يحتج بها الأشعرية إذا أتي المعتزلي رد عليها ونسفها، فنتيجة لهذا الضعف يضطر أصحاب هذا المذهب أن يبحثوا عن تعليلات وعن تخريجات، ومن هنا كثرت الأقوال المتشعبة من هذا المذهب بل يمكن أن نعتبر منها أيضاً المذهب السابع الذي هو مذهب الماتريدية.

إذاً المذهب السادس لا يُخالف أصحابه في أن القُرْآن مخلوق، فهم يقولون: إنه مخلوق، وإنما كلامهم في وصف حقيقة الكلام النفسي، وكفى بذلك بدعة وضلالا نسأل الله السلامة والعافية.

السابع أنه يتضمن معنى قائماً بذاته هو ما خلقه في غيره

قَالَ المُصْنِّفُ رحمة الله:

[وسابعُها أن كلامه يتضمن معنى قائما بذاته هو ما خلقه في غيره، وهذا قولأبي منصور الماتريدي] .

<<  <   >  >>