للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَالَ: ""لما رأينا أن السلف والصحابة والتابعين ومن بعدهم مطبقون ومجمعون عَلَى عدم التأويل"" وهذه حقيقة، فلا يوجد أبداً في الصحابة ولا في التابعين مؤول عَلَى الإطلاق، قَالَ: ""وهم أزكى النَّاس وأعلم النَّاس وأحفظهم للدين"" هذا معنى كلامه، ""فلو كَانَ التأويل حقاً لسبقوا إليه ولكانوا أولى النَّاس به"" وهذا كلام صحيح.

فترك التأويل وقال في صفات الله: نثبتها ونفوضها، بينما التفويض عند السلف في الكيفية فقط، والسؤال عن ذلك بدعة، والله -عَزَّ وَجَلَّ- هو الذي يعلم ذلك، لكن نثبت المعنى، فالاستواء مثلاً معناه معلوم وهو: استقر، وعلا، وارتفع، وصعد، كما ذكر السلف، وهذا معنى معروف في لغة العرب؛ لكن الكيفية أمرها إِلَى الله في جميع الصفات، ونحن نجهل كيفية صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- مثلما نجهل ذاته، وصفاته فرع عن ذاته، وأما إثبات الصفات، ومعرفة معناها، فإننا نعرف معناها، ونرى آثار الرحمة، ونفرق بين الرحمة وبين الحكمة وبين العلم. لأن لكل منها معاني وآثار كل منها تختلف في لغة العرب.

والشاهد أن أبا المعالي فوّض بإطلاق، فقول أبي المعالي وهو القول الثامن، هو أن كلام الله مشترك، بين المعنى القائم بالنفس، وبين المخلوق الذي هو الحروف والأصوات، لا كما يقول الأشعرية أن الكلام فقط هو ما في النفس، فكأن أبا المعالي جدد كلام ابن كلاب، فابن كلاب يقول: هو ما في النفس فقط، وأما الحروف والأصوات فهي مخلوقة، مثل أي خلق من مخلوقات الله، لا يطلق عليها كلام الله، وأبو المعالي يطلق كلام الله عَلَى النوعين عَلَى كلام الله الذي هو ما في نفسه من المعاني، وعلى كلام الله الذي هو ما خلق.

التاسع: مذهب أهل السنة

المذهب التاسع هو الذي يهمنا، وينبغي أن نفهمه ونعرفه الآن بالجملة، ثُمَّ نأخذ تفصيله إن شاء الله قليلاً قليلاً في أثناء البحث. قَالَ المُصْنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

<<  <   >  >>