للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي عقيدة إجماعية. فكل العقائد الأخرى عقائد أشخاص وأفراد، فالاعتزال يعرف بالتاريخ العام المحايد؛ وذلك بمعرفة مَن هو أول من أنشأ مذهب الاعتزال وكذا الأشعرية، بل ونأخذ القضايا العلمية -مثلاً- فنعرف من هو أول من قال بالكلام النفسي، وأول من قال بالكسب في القضاء والقدر، فنعرف بالتاريخ المحايد العام متى بدأت هذه العقيدة، إلا عقيدة السلف -والْحَمْدُ لِلَّهِ- لأنها هي نفس القُرْآن والسنة وتربية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفهم الصحابة رضوان الله عليهم، فنجد هذا القول في كتاب الله وفي سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يوجد بين أصول مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ أي أصل أبداً حدث بعد هذه القرون المفضلة، أو حدث من غير الكتاب والسنة، فهي إذاً عقيدة إجماعية.

أما غيرها فهي عقائد أشخاص وأفراد قد يكون لديهم من الذكاء والامتياز الذهني والتعمق العقلي الشيء الكثير، لكن يخالفهم في عقلهم من هو مثلهم عقلاً وفهماً.

بل كثير من مؤسسي العقائد البدعية نشؤوا وماتوا مقهورين محتقرين، فإن الجعد بن درهم الذي جَاءَ ببدعة نفي الصفات قتل.

وقال خالد بن عبد الله القسري وهو من ولاة بني أمية: أيها الْمُسْلِمُونَ انحروا ضحاياكم -تقبل الله منكم- فإني مضح بالجعد بن درهم، فإنه أنكر أن الله كلَّم موسى تكليماً، وذبحه ونحره يوم النحر، والْمُسْلِمُونَ يومئذ ينظرون، وارتاحت صدورهم لذلك. وهذا الرجل أصل نشأة تعطيل (نفي) الصفات.

وتلميذه الجهم بن صفوان قُتِلَ كما قُتِلَ الجعد، حتى لما جيء به إِلَى سلم بن أحوز وكان عَلَى شرطة بني أمية في خراسان قَالَ: لا تقتلني أرجوك؟!!

فقَالَ: والله يا جهم ما أقتلك لأنك ذو شأن في السياسية أو المعارضة ضد الدولة، لكن بلغتني عنك أقوال أقسمت بالله إن مكنني الله منك لأضربنَّ عنقك.

وهو الذي أسس العقيدة الجهمية.

<<  <   >  >>