للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن مسألة رؤية الله تَعَالَى في الجنة من أشرف مسائل أصول الدين ومن أعظمها، ولم تكن عند الصدر الأول ولا عند السلف موضع جدال ولا خلاف وكان اهتمامهم بموضوع الرؤية هو اهتمامهم بالجد في طاعة الله عَزَّ وَجَلَّ والاجتهاد في عبادته والتقرب إليه، ليحظوا بهذه المنزلة وبهذه الدرجة العظيمة، وهذا النعيم الذي لا يعادله نعيم لا في الدنيا ولا في الآخرة.

فإن رؤية وجه الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أعظم من كل نعيم لأهل الجنة، وهو الذي اشتاق إليه السلف الصالح الذين عبدوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وزهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة وتتطلعوا إِلَى ما عند الله وإلى رضوانه وإلى رؤية وجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكان هذا من أعظم ما خفف عنهم أعباء الحياة، وأعباء الدعوة إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وتكاليف الجهاد والمشقات والأذى والعنت، الذي لقيه هَؤُلاءِ من الْمُشْرِكِينَ ومن المضلين والمبتدعين، فكان هذا هو أعظم غاية يسعون إليها، فلم يخطر ببال أحدهم أن ينكر ذلك أيُّ إنسانٍ، ولكن لمَّا ظهرت البدع وفتنت هذه الأمة بالتفرق، ولما ألبسها الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى شيعاً، وأذاق بعضها بأس بعض عقوبةً عَلَى ما وقع منهم من ركونٍ إِلَى الدنيا، ومن تفريطٍ في بعض الحق الذي أنزله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، حينئذٍ تشعبت الآراء والأهواء حتى خاضوا في هذا الأمر.

الزائغون في هذا الطريق

هناك طائفة لم يذكرها المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، ويجدر بنا أن نذكرها قبل أن نخوض في موضوع أهل الكلام.

هذه الطائفة هي زنادقة الصوفية، الأولون الذين نشأوا وخرجوا في الوقت الذي خرج ونشأ فيه المعتزلة،، فمثلاً: رابعة العدوية كانت في نفس الفترة التي كَانَ فيها واصل بن عطاء فقد كَانَ واصل بن عطاء يؤسس بدعة الكلام وبدعة الاعتزال ونفي الصفات ونفي رؤية الله عَزَّ وَجَلَّ.

<<  <   >  >>