ولذلك أطلق السلف عَلَى الذين لا يأخذون بالحديث والأثر من طوائف أهل البدع: أهل الكلام وأهل الجدل، لأن بدعهم لا تقوم عَلَى دليل من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما تقوم عَلَى الجدل وعلم الكلام، فبقيت الطائفة المنصورة أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ يأخذون بالأحاديث.
ولذلك يُسمون: أهل الأثر وأهل الحديث، أي: المتبعون لِمَا كَانَ عليهِ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه؛ فكلام الإمام أَحْمَد إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري منهم" أي المتبع للأثر، حتى وإن كَانَ من أهل اللغة، فقدماء أهل اللغة عموماً النضر بن شميل والخليل بن أحمد وأبو عبيد القاسم بن سلام من علماء اللغة والحديث هَؤُلاءِ من أهل اللغة وهم من أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ أيضاً.
فأهل الحديث المراد بهم أهل الأثر المتبعون لسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى هذا نستطيع أن نفهم أن الطائفة المنصورة هي المتبعة لما كَانَ عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، وهي الناجية الوحيدة، وهي التي قامت بإبلاغ ونقل ما ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولذا يقول المصنف:[وممن قام بذلك الإمام أبو جعفر الطّّحاويّ] .
فقد نقل عقيدة السلف، وبالذات عقيدة الإمام أبي حنيفة وتلميذيه، وهكذا كل من يأتي ويتكلم في عقيدة أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ إنما ينقل كلامهم ويشرحه ويوضحه، ولو جاءنا أحد بشيء من عنده لرددناه كما نرد عَلَى أهل البدع، فهذا هو الطريق المتبع وهذا هو طريق أهل الأثر.