والمسألة ليست -ولله الحمد- مما يقتضي الإشكال، وإنما المراد من المثال أن هذا الحوض طويل وعريض، وأنه بهذه السعة، وبهذا العرض وبهذا الطول، هذا هو غاية ما ينبغي أن يفهم، ثُمَّ يقول:(وعدد ما فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء) وهذا أيضاً دليل عَلَى كثرته، فهو طويل وعريض، وهو أيضاً كثير الأباريق وكثير الكيزان، كما وردت في روايات أخرى، والكيزان: جمع كوز.
وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(ليردن عليّ أناس من أصيحابي حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول أصيحابي، فيُقَالُ:: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) وكأن المُصنِّفُ اختار الحديث الأول ليدلنا عَلَى المسافة.
واختار الحديث الثاني لشيء آخر هو شأن الذين يُردَّون ويذادون عن الحوض، ولو نظرنا إِلَى حديث سهل بن سعد وهو أيضاً مما رواه البُخَارِيّ وفي رواية أبي سعيد يقول النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إنهم مني، فيُقَالُ: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً لمن بدل بعدي) .
والأحاديث غير هذين الحديثين أيضاً كثيرة في خصوص هذه القضية، وهي أنه يذاد عن حوضه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض هذه الأمة وأنه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغرب ذلك، ويقول: أمتي أمتي، أو أصحابي أصحابي، وأن الجواب يكون إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، أو إنهم غيروا وبدَّلوا، فهَؤُلاءِ قوم كانوا يستحقون الرد بما ارتكبوا، وبدلوا، وبما حرفوا، وابتدعوا في دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، حجبوا ومنعوا من ورود الحوض، وصحت الرواية أنه (من شرب منه لم يظمأ بعدها أبداً)
هل الصحابة ارتدوا كما زعمت الرافضة
ولورود الآحاديث السابقة برز قرن فرقة خبيثة وطائفة من أعظم طوائف هذه الأمة نفاقاً -كما وصفهم بذلك العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم- وهم: الروافض عليهم من الله ما يستحقون.