ولو اتفقوا عَلَى دينار من الحرام لكان هذا طعن فيهم، فكيف وهذه قضية من أمور الدين ومن أصوله الكبرى، مثلاً: لو أنك وجدت مجموعة من الطلاب يدَّعون الإسلام والدين الصحيح، وَقَالُوا: الذي ربانا عَلَى هذا الدين شيخنا فلان، وكانوا يعظمونه ويتبعونه، فلما جالستهم وخبرتهم وعرفت أفعالهم، وجدتهم عَلَى بدعة وعلى كذب وزور وفجور؛ كيف يكون ظنك بشيخهم؟! بطبيعة الحال نقول: هذه تربيته، وهذه طائفته.
إذاً: هذا طعن بلا ريب في رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأكبر من ذلك وهو جلي أيضاً أن يقَالَ: إن هذا الطعن في أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أيضاً اتهام وسب لله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أثنى عليهم ومدحهم وزكاهم في كتابه العزيز وبين أحوالهم وصفاتهم الجليلة ولم ينزل هذا الدين إلا عليهم، فاصطفاهم واختارهم ليكونوا حواريين وأصحاباً لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نصرهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى اليهود والنَّصَارَى والمجوس وعلى أهل مكة الذين كانوا يدعون أنهم عَلَى دين إسماعيل، ويظهرهم عَلَى الدين كله ويمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، ويبدلهم بعد الخوف، والذل عزاً وأمناً وأصبحت الدنيا كلها تلهج بذكرهم وبثنائهم ويشتهر عنهم العلم في آفاق الدنيا.
فكل هذا يحصل من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وحياً منزلاً ونصراً وتأييداً بالواقع المشاهد، ويكون هذا العمل ويقع لأناس مرتدين منافقين كاذبين متواطئين ومتآمرين، وهذا يتنافى مع حكمة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وهو تكذيب لكتاب الله، فإنه قد جرت السنن الربانية الموصوفة في التاريخ أن الله يذل الكاذب الفاجر الظالم الغادر ولو بعد حين، وأن الله يفضحه ويخزيه ويعرف النَّاس حقيقته.