للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[والحوض في العرصات قبل الصراط؛ لأنه يختلج عنه، ويمنع منه أقوام قد ارتدوا على أعقابهم، ومثل هؤلاء لا يجاوزون الصراط، وروى البخاري ومسلم عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا فرطكم على الحوض) والفرط الذي يسبق إلى الماء، وروى البخاري عنسهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً ليردن على أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم) قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدث هذا، فقال: هكذا سمعت منسهل؟ فقلت: نعم فقال: (أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها فأقول: (إنهم من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدي) سحقاً: أي بعداً، والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض: أنه حوض عظيم، ومورد كريم، يمد من شراب الجنة، من نهر الكوثر، الذي هو أشد بياضاً من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر، وفي بعض الأحاديث: (أنه كلما شُرب منه وهو في زيادة واتساع، وأنه ينبت في حالٍ من المسك والرضراض من اللؤلؤ وقضبان الذهب ويثمر ألوان الجواهر) فسبحان الخالق الذي لا يعجزه شيء وقد ورد في أحاديث: (إن لكل نبي حوضا وأن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، أعظمها وأجلها وأكثرها واردا) جعلنا الله منهم بفضله وكرمه.

قال العلامة أبو عبد الله القرطبي -رحمه الله تعالى- في التذكرة: واختلف في الميزان والحوض: أيهما يكون قبل الآخر؟

فقيل: الميزان وقيل: الحوض.

<<  <   >  >>