للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم بعد ذلك يبين المصنف رحمه الله تعالى، معنى [يشخب فيه ميزابان من ذلك الكوثر إلى الحوض] ، وقد بينا أن المراد بذلك أن الكوثر نهر عظيم في السماء السابعة كما في حديث الإسراء والمعراج في الرواية الصحيحة، وليس في السماء الدنيا كما ورد في رواية شريك بن عبد الله، وهذا النهر من أعظم أنهار الجنة، ومعنى يشخب: أي يصب منه ميزابان فينزل ذلك الماء من الجنة إلى أرض المحشر، ويتكون من الميزابين الحوض الذي ترده هذه الأمة، وأول من يرده منها نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أول الواردين على الحوض، وتأتي أمته تباعاً له لتشرب وترد منه، ثم يذاد عنه من يذاد كما سبق.

والصراط: هو جسر منصوب على متن جهنم، ويعبر الناس عليه بحسب أعمالهم، وفيه كلاليب تختطف من يعبر عليه ممن كتب الله تبارك وتعالى عليه الشقاوة والعذاب، ودعوى الأنبياء في ذلك اليوم حين عبور الناس للصراط {اللهم سلم سلم} فمن نجى منه فقد زحزح عن النار وأدخل الجنة، ومن اختطفته تلك الكلاليب وقع في النار، هذا أحد الأهوال والمواقف التي لا بد منها يوم القيامة للناس جميعاً.

اختلف العلماء هل الحوض يكون بعد الصراط أم قبله؟

القول الأول

من المعلوم أنه قد جَاءَ في أحاديث الحوض الثابته أنَّ قوماً يذادون ويردون، فإن كَانَ هَؤُلاءِ الذين يذادون عن الحوض من أهل النار، فكيف نجو من الصراط ولم تختطفهم الكلاليب، ثُمَّ بعد ذلك يذادون ويطردون من الحوض ويُقال لهم سحقاً سحقاً، أو بعداً بعداً؟

فهذا يقتضي أن يُقَالَ: إن الحوض قبل الصراط، والذين يذادون عن الحوض يردون بعطشهم، ثُمَّ أثناء اجتياز الصراط تخطفهم الكلاليب، فيكونون من أصحاب النار، هذا هو ما قاله بعض العلماء لمقتضى الأحاديث.

القول الثاني

<<  <   >  >>