للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويريد أن يقول: إننا إذا نظرنا إِلَى المعنى بالعقل، فإنه يقتضي أن يكون الحوض قبل الميزان وقبل الصراط ووجه ذلك بأن النَّاس يخرجون عطاشاً من قبورهم، فيقتضي ذلك أن يشربوا أولاً ثُمَّ توزن أعمالهم، ثُمَّ بعد ذلك يكون الصراط، إذاً هذا بالنظر العقلي فقط، ولم يأت بدليل ينص عَلَى أن الحوض قبل الصراط وقبل الميزان، وهذا في الحقيقة ليس بالمستند القوي أو الحجة التي يثبت بها مثل هذا.

ثُمَّ يقول: [قالأبو حامد الغزالي رَحِمَهُ اللهُ في كتاب كشف علم الآخرة: حكى بعض السلف من أهل التصنيف أن الحوض يورد بعد الصراط، وهو غلط من قائله] هذا البعض الذي قال عنه: إنه بعض السلف هو أبو طالب المكي صاحب كتاب قوت القلوب، فإن غالب كلام أبي حامد الغزالي في الرقاق كما في الإحياء وغيره منقول عنه، وهذا الكتاب قوت القلوب من أوائل الكتب التي صنفت في "التصوف" وقوله: قال بعض السلف، وهو ليس من السلف لأنه في القرن الخامس تقريباً، فليس بينه وبين الغزالي كبير فرق.

وقد وافق صاحب القوت عَلَى ذلك، القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ- فقَالَ: إن الحوض بعد الصراط، وقوله [وهو غلط من قائله] هذا من كلام الغزالي، فهو يغلط أبا طالب ومن معه، وكذلك وافقه القرطبي فقَالَ: [هو كما قال] أي هو غلط فالقرطبي والغزالي، وكذلك السيوطي يرون أن الحوض قبل الصراط، إذاً أصبح عندنا القاضي عياض وصاحب كتاب قوت القلوب يقولون: الحوض بعد الصراط، ومال إِلَى ذلك أيضاً السيوطي.

أما القرطبي والغزالي فيميلون إِلَى غير ذلك

<<  <   >  >>