فما آمنا بالكتاب والسنة، لأننا قلنا: إن ظاهره غير مراد، فيجب التأويل، فإذا ذهبت إِلَى التأويل وجدت المؤولين مختلفين، فبكلام من تأخذ؟! فالنتيجة هي الحيرة، فلا يوجد شيء نؤمن به، وهذا ضلال وخروج عن الصراط المستقيم، فترى أحدهم لا يؤمن بشيء مما قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى يتأكد عند شيخ من الشيوخ هل هو من قول أفلاطون! أم من قول أرسطو! أم من القواطع العقلية! أم من البراهين النظرية! فهذا كله من عدم الإيمان؛ لأن الله يقول: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:٦٥] بلا اعتراض، ولا منازعة، ولا مدافعة.
يقول: [وخاصة النبي: هي "الإنباء" والقرآن "هو النبأ العظيم"] فإذا كَانَ كلما أخبرنا الرَّسُول بشيء قلنا: انتظر حتى نعرضه عَلَى أئمتنا، فقد أفقدنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصيته، ومن القُرْآن خاصيته، ولهذا نجد أهل التأويل إنما يذكرون نصوص الكتاب والسنة، للاعتضاد لا للاعتماد، واقرأ إن شئت شرح العضدية، أو النسفية، أو الجوهرة، اقرأ مائة ورقة، مائتين ورقة، لا تجد آية، وإذا وجدت فليست للاعتماد، بل للاعتضاد والاستئناس، يستأنسون بها مع أنهم متفقون عَلَى أن ظاهرها غير مراد، يقول: وهذا فتح باب الزندقة -نسأل الله العافية- بناءً عَلَى ذلك تزندق من تزندق، وألحد من ألحد، وكفر من كفر، وضل من ضل في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.