للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإنسان قد يعود إلى الحق عودة إجمالية، لكن لا يعرف تفاصيل هذا الحق، كما حصل لأبي الحسن الأشعري، كما قد يعيش مفكراً كبيراً في الشيوعية، أوفي اليهودية، ثم يقرأ عن الإسلام، فيدخل فيه، فلا يعني دخوله في الإسلام أنه عرف جميع تفاصيل الإسلام، فعلماء الكلام من رجع منهم إلى عقيدة أهل السنة والجماعة إنما كان رجوعاً مجملاً، وقد لا يتاح له أن يعرف تفاصيلها.

فمثلاً: أبو حامد الغزالي - وهو من هو في العلم والتبحر - مات وصحيح البخاري على صدره مع أنه أفنى عمره في كتابات كثيرة في التصوف وعلم الكلام، وفي آخر أمره اقتنع أن علم الكلام لا يصلح، وألف كتاب إلجام العوام عن علم الكلام.

فإنه قبل موته بدأ في طريق الحق، ولا يقتضي ذلك أنه عرف الحق كله، فكذلك أبو الحسن الأشعري رجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة في الجملة، فكلامه في أول ما يجب على الإنسان وهو النظر من بقايا الاعتزال.

ذكر ابن حجر في الفتح في شرح كتاب التوحيد فقال: "< فإن قال: عبث ولعب.

فيقال له: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُون "، ومعنى هذا: أنه دخل في دين الله هزواً وكذباً، وهذا هو الزنديق المرتد الملحد. فنقتله على قول من يرى أن الزنديق لا توبة له، وعلى القول الآخر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

فلا نسمح لأي إنسان أن يعبث بديننا، فيصلي عبثاً أو يؤذن تقليداً للمؤذنين واستهزاء بديننا، بينما الكافر الأصلي نرضى أن يذهب إلى الكنيسة ولا نتدخل في دينه على الشروط المعروفة المعلومة في حكم أهل الذمة، لكن لو قال: لا إله إلا الله، أو دخل المسجد وصلى، أو عمل عملاً من الشعائر الإسلامية، فلا بد له أن يلتزم بالإسلام وهو دين الله سبحانه وتعالى ولا يقبل منه الرجوع عن هذا الدين أبداً، فإن قال: أنا عابث أو مستهزئ، عاقبناه على هذا العبث والاستهزاء.

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

<<  <   >  >>