للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١ - حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيلُ، هَذَا، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْمَيْدَانِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا عَلَيْهِ إِكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ، وَالْيَهُودِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا.

فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَقَفَ، وَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَيُّهَا الْمَرْءُ لا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ حَقًّا، فَلا تُؤْذِنَا فِي مَجَالِسِنَا وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: أَغْشِنَا فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ.

فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: «أَيْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟».

يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ.

قَالَ: كَذَا وَكَذَا.

قَالَ: اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي أَعْطَاكَ، وَلَقَدْ أَصْبَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ النَّاقِدَيْنِ شَيْخَيْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ: أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، مُخَرَّجٌ فِي كِتَابَيْهِمَا الْمَعْرُوفَيْنِ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ مَشْرِقًا وَمَغْرِبًا، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ عِنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يُونُسَ، وَأَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَقِيلٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

وَقَوْلُهُ: لَقَدْ أَصْبَحَ أَهْلُ الْبُحَيْرَةِ.

كَذَا فِي نُسْخَةِ سَمَاعِي، وَفِي الْكِتَابَيْنِ: لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ.

وَالْبُحَيْرَةُ تَصْغِيرُ الْبَحْرَةِ، وَالْبَحْرَةُ الْبَلْدَةُ، أَرَادَ بِذَلِكَ: مَدِينَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَوْلُهُ: يُعَصِّبُوهُ، أَيْ: يَشُدُّوا عِصَابَةَ الرِّيَاسَةِ عَلَى رَأْسِهِ وَيَجْعَلُوهُ رَئِيسًا.

وَقَوْلُهُ: شَرِقَ بِذَلِكَ، يُقَالُ: شَرِقَ بِالْمَاءِ أَيْ: غَصَّ بِهِ شَرِقًا.

وَالْعَجَاجَةُ: الْغُبَارُ.

وَالْقَطِيفَةُ: الْكِسَاءُ.

وَقَوْلُهُ: لا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا، أَيْ: لَيْسَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا.

وَمَعْنَاهُ أَيْ: أَنَّ مَا تَقُولُ حَسَنٌ جِدًّا.

تَقُولُ ذَلِكَ: أَنَشْهَدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الصَّحِيحِ , وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ

<<  <   >  >>