للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧ - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، رَحِمَهُ الله، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ هَرِمٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ آنِفًا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّ لِلَّهِ عَبْدًا عَبَدَ اللَّهَ خَمْسَ مِائَةِ سَنَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ عَرْضُهُ ثَلاثُونَ ذِرَاعًا وَطُولُهُ ثَلاثُونَ ذِرَاعًا فِي ثَلاثِينَ ذِرَاعًا، وَالْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهِ أَرْبَعَةَ آلافِ فَرْسَخٍ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَأَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ عَيْنًا عَذْبَةً بِعَرْضِ الأُصْبُعِ تَبِضُّ بِمَاءٍ عَذْبٍ فَيَسْتَنْقِعُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَشَجَرَةِ رُمَّانٍ تُخْرِجُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ رُمَّانَةً، فَإِذَا أَمْسَى نَزَلَ فَأَصَابَ مِنَ الْوَضُوءِ، ثُمَّ أَخَذَ تِلْكَ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا فَتُغَذِّيهِ يَوْمَهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاتِهِ فَسَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ وَقْتِ الأَجَلِ أَنْ يَقْبِضَهُ سَاجِدًا، وَأَنْ لا يَجْعَلَ لِلأَرْضِ وَلا لِشَيْءٍ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ثُمَّ يَبْعَثُهُ اللَّهُ وَهُوَ سَاجِدٌ.

فَفَعَلَ، فَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَيْهِ إِذَا هَبَطْنَا، وَإِذَا عَرَجْنَا، فَنَجِدُهُ فِي الْعِلْمِ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: «أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي».

فَيَقُولُ: بَلْ بِعَمَلِي.

فَيَقُولُ: «أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي».

فَيَقُولُ: بَلْ بِعَمَلِي.

فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: «أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي».

فَيَقُولُ: بَلْ بِعَمَلِي.

فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْمَلائِكَةِ: «قَايِسُوا عَبْدِي بِنِعْمَتِي عَلَيْهِ وَعَمَلِهِ».

فَتُوجَدُ نِعْمَةُ الْبَصَرِ قَدْ أَحَاطَتْ بِعِبَادَةِ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَبَقِيَتْ نِعَمُ الْجَسَدِ فَضْلا عَلَيْهِ.

فَيَقُولُ: «أَدْخِلُوا عَبْدِي النَّارَ».

قَالَ: فَيُنَادِي: رَبِّ بِرَحْمَتِكَ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ.

فَيَقُولُ: «رُدُّوهُ».

فَيُرَدُّ بَيْنَ يَدَيْهِ.

فَيَقُولُ: «عَبْدِي مَنْ خَلَقَكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا؟» فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: «أَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِكَ أَمْ بِرَحْمَتِي؟» فَيَقُولُ: بَلْ بِرَحْمَتِكَ.

فَيَقُولُ: «مَنْ قَوَّاكَ لِعِبَادَةِ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ؟» فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: «مَنْ أَثْبَتَ لَكَ جَبَلا وَسْطَ اللُجَّةِ، وَأَخْرَجَ الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنَ الْمَاءِ الْمَالِحِ، وَأَخْرَجَ لَكَ كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، وَسَأَلْتَنِي أَنْ أَقْبِضَكَ سَاجِدًا فَفَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ؟».

فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ.

قَالَ: «ذَلِكَ بِرَحْمَتِي، وَبِرَحْمَتِي أُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ، أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَنِعْمَ الْعَبْدُ كُنْتَ يَا عَبْدِي».

فَتُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، وَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا الأَشْيَاءُ بِرَحْمَةِ الله يَا مُحَمَّدُ.

وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ هَرِمٍ الْقُرَشِيِّ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ الْقُرَشِيِّ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ السُّلَمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَنْ وَالِدِهِ.

لا يَعْرِفُ لَهُ مَخْرَجًا إِلا هَكَذَا، وَأَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هُوَ الْجُهَنِيُّ مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ، يُقَالُ لَهُ: كَاتِبُ اللَّيْثِ، مِنْ حُفَّاظِ الْمِصْرِيِّينَ رَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو الْحَارِثِ الْفَهْمِيُّ الْمِصْرِيُّ، يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ هَرِمٍ الْمَدَنِيِّ، هَذَا، وَالْحُفَّاظُ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، كَاتِبِ اللَّيْثِ، هَذَا، مِنْهُمْ: أَبُو سَعِيدٍ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ بِنَيْسَابُورَ، فِي الأَصْلِ صَوَابُهُ بِهَرَاةَ بِخَطِّ الْحَافِظِ

<<  <   >  >>