والكتاب الذي أنزل على رسوله وهو القرآن، والكتاب الذي أنزل من قبل وهو جميع الكتب المتقدمة: كالتوراة، والإنجيل، والزبور، ثم بين في ختام الآية أن من كفر بشيء من أركان الإيمان فقد ضل ضلالا بعيدا وخرج عن قصد السبيل ومن أركان الإيمان المذكورة الإيمان بكتب الله.
وقال تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}[البقرة: ١٧٧](البقرة: ١٧٧) . فأخبر عز وجل أن حقيقة البر: هو الإيمان بما ذكر من أركان الإيمان، والعمل بخصال البر الواردة في الآية بعد هذا. وذكر من أركان الإيمان:" الإيمان بالكتاب " قال ابن كثير: هو اسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء. حتى ختمت بأشرفها، وهو القرآن المهيمن على ما قبله من الكتب (١) .
ولتقرير الإيمان بالكتب كلها أمر الله عباده المؤمنين أن يخاطبوا أهل الكتاب بقوله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة: ١٣٦](البقرة: ١٣٦) . فتضمنت الآية إيمان المؤمنين بما أنزل الله عليهم بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أنزل على أعيان الرسل المذكورين في الآية، وما أنزل على بقية الأنبياء في الجملة وأنهم لا يفرقون بين الرسل في الإيمان ببعضهم دون بعض فانتظم ذلك الإيمان بجميع الرسل وكل ما أنزل الله عليهم من الكتب.