للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشرع: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ - فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ - ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٧ - ١٩] (القيامة: ١٧-١٩) . قال ابن كثير في تفسير الآية الأخيرة: " أي بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا ". وقد هيأ الله تعالى لحفظ كتابه من العلماء الجهابذة من قاموا بذلك خير قيام، من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فحفظوا لفظه وفهموا معناه، واستقاموا على العمل به، ولم يَدَعوا مجالا من مجالات خدمة القرآن وحفظه إلا وألفوا فيه المؤلفات المطولة، فمنهم من ألف في تفسيره، ومنهم من ألف في رسمه وقراءاته، ومنهم من ألف في محكمه ومتشابهه، ومنهم من ألف في مكيه ومدنيه، ومنهم من ألف في استنباط الأحكام منه، ومنهم من ألف في ناسخه ومنسوخه، ومنهم من ألف في أسباب نزوله، ومنهم من ألف في أمثاله، ومنهم من ألف في إعجازه، ومنهم من ألف في غريبه، ومنهم من ألف في إعرابه، إلى غير ذلك من المجالات التي تجسد من خلالها حفظ الله لكتابه بما هيأ له هؤلاء العلماء من خدمة كتابه وعلومه حتى بقي محفوظًا يقرأ ويفسر غضًّا طريًّا كما أنزل.

٥ - أن القرآن الكريم مشتمل على وجوه كثيرة من الإعجاز شارك فيها غيره من الكتب المنزلة، وهو في الجملة المعجزة العظمى وحجة الله البالغة الباقية التي أيد بها نبيه صلى الله عليه وسلم وأتباعه إلى قيام الساعة، على ما روى الشيخان من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة» (١) . ومن صور إعجاز القرآن حسن تأليفه وفصاحته وبلاغته وقد وقع التحدي للإنس والجن على أن يأتوا


(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٨١) ، ومسلم برقم (١٥٢) .

<<  <   >  >>