ومن السنة حديث أنس بن مالك الذي أخرجه مسلم في صحيحه من طريق ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتيت بالبراق " وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه " قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس. قال: فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن. فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: اخترت الفطرة» (١) . ثم ذكر بقية الحديث وعروجه إلى السماء. وقد دل على الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث منها ما جاء في الصحيحين ومنها ما جاء في السنن وغيرها وقد رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمع من الصحابة نحو الثلاثين رجلا ثم تناقلها عنهم مالا يحصي عدهم إلا الله من رواة السنة وأئمة الدين.
وقد اتفقت كلمة علماء المسلمين سلفا وخلفا وانعقد إجماعهم على صحة الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه حق. نقل الإجماع على ذلك القاضي عياض في (الشفاء) والسفاريني في (لوامع الأنوار) . والإسراء كان بروح النبي صلى الله عليه وسلم وجسده، يقظة لا مناما. فهذا هو الذي دلت عليه النصوص الصحيحة وعليه عامة الصحابة وأئمة أهل السنة والمحققين من أهل العلم.
قال ابن أبي العز الحنفي:(وكان من حديث الإسراء: أنه أسري بجسده في اليقظة على الصحيح من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. .) . وقال القاضي عياض مقررا أن هذا هو الذي عليه عامة أهل العلم من الصحابة