للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: ٥٥] فقد جاء في تفسير الآية أن: " توفيه هو رفعه إليه "، وإلى ذلك ذهب ابن جرير الطبري. وأكثر المفسرين على أن الوفاة المذكورة هي النوم، كما قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢] (الزمر: ٤٢) .

فتقرر بهذا أن عيسى حي الآن في السماء لم يمت، وقد أخبر الله عن موته قبل قيام الساعة. قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: ١٥٩] (النساء: ١٥٩) . والموت المذكور هنا هو موت عيسى عليه السلام في آخر الزمان بعد أن ينزل من السماء فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة في نزول عيسى في آخر الزمان وقد جاءت تلك الأحاديث في الصحيحين وغيرهما.

وممن قيل إنه لم يمت من الأنبياء إدريس عليه السلام، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لم يمت وإنما رفعه الله كما رفع عيسى عليه السلام واستدلوا لذلك بقوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا - وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٦ - ٥٧] (مريم: ٥٦، ٥٧) . فعن مجاهد قال: إدريس رفع فلم يمت كما رفع عيسى. وعن ابن عباس قال: رفع إلى السماء فمات بها. وقال آخرون: رفع إلى السماء الرابعة والعلم في ذلك عند الله تعالى. وإنما القصد حصول الخلاف بين أهل العلم في موت إدريس من عدمه، هذا مع القطع بأنه إن لم يمت فلا بد أن يموت لعموم قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥]

وأما ما عدا عيسى وإدريس عليهما السلام من الرسل فلم يقل أحد من أهل العلم المعتد بقولهم في الأمة بحياة أحد منهم لما تقدم من النصوص وللواقع المشاهد من موتهم. لكن جاء في بعض النصوص ما أشكَل فهمه

<<  <   >  >>