للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهم فشفعه في» ، رواه الترمذي وأحمد وقال البيهقي إسناده صحيح (١) .

ففهموا من الحديث أنه يدل على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصالحين، وليس في الحديث ما يشهد لذلك، فإن الأعمى قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بأن يرد الله عليه بصره، فقال له: «إن شئت صبرت وإن شئت دعوت» ، فقال: فادعه، إلى غير ذلك من الألفاظ الواردة في الحديث المصرحة بأن هذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته أو جاهه؛ ولذا ذكر أهل العلم هذا الحديث من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب، فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره ولهذا أورده البيهقي في دلائل النبوة (٢) .

وأما الآن وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فإن مثل هذا لا يمكن أن يكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» ، رواه مسلم (٣) .

والدعاء من الأعمال الصالحة التي تنقطع بالموت.

وعلى كل فإن جميع ما يتعلق به هؤلاء لا حجة فيه؛ إما لعدم صحته، أو لعدم دلالته على ما ذهبوا إليه.


(١) سنن الترمذي برقم (٣٥٧٨) ، ومسند أحمد (٤ / ١٣٨) .
(٢) دلائل النبوة للبيهقي (٦ / ١٦٧) .
(٣) صحيح مسلم برقم (١٦٣١) .

<<  <   >  >>