للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو صلى الله عليه وسلم، فخطب فحمد الله ثم قال: «ما بال أقوام يتنزهون عن شيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية» (١) .

وأيضا بلغه أن أهل بريرة رضي الله عنها شرطوا أن الولاء لهم بعد بيعها، فقام فخطب الناس فقال: «ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة شرط الله أحق وأوثق» (٢) .

وقد جرت عادة علمائنا ومشايخنا على ذكر النصائح العامة، وقد يستعمل في تبليغها وسائل الإعلام الحديثة، وفي الجزء التاسع من " الدرر السنية في الأجوبة النجدية " شيء عظيم من هذا. وأما الموعظة الفردية فيجب أن تكون خاصة، تراعى فيها السرية التامة لا سيما مع ولاة الأمور؛ حتى يتحقق الهدف منها، فعن عياض بن غنم الفهري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذه بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذلك، وإلا كان قد أدى الذي عليه» (٣) .

وكانوا يعدون النصيحة بين الناس نوعا من الفضيحة.

وقال الشافعي: من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.

وقال أبو الدرداء: من وعظ أخاه بالعلانية فقد شانه، ومن وعظه سرا فقد زانه.

يقول الشافعي:

تعمدني بنصحك في انفراد ... وجنبني النصيحة في الجماعه

فإن النصح بين الناس نوع ... من التوبيخ لا أرضى استماعه


(١) أخرجه: البخاري (١٠ / ٥١٣) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه: البخاري (٤ / ٣٦٩) ، ومسلم (١٠ / ١٤٤) .
(٣) حديث صحيح: أخرجه: أحمد (٣ / ٤٠٣- ٤٠٤) ، وابن أبي عاصم في السنة (٢ / ٥٢١) .

<<  <   >  >>