للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رضوان الله عليهم، فهموا أن الدعوة إلى الله تعالى واجبة، فكانوا يبادرون بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم تعليمهم وتفقيههم؛ ليقوموا بدعوة أقوامهم من خلفهم، بل كان من يسلم حديثا يدرك أهمية الدعوة إلى الله تعالى، وأن تبليغها واجب، فعن ابن عباس، رضي الله عنهما، في حديث وفد عبد القيس وفيه: قالوا: يا رسول الله، فمرنا بأمر نعمل به، وندعو إليه من وراءنا (١) .

وقد بُوبَ عليه في صحيح الإمام مسلم: " باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله وشرائع الدين والدعاء إليه والسؤال عنه وحفظه وتبليغه من لم يبلغه " (٢) .

لأن الناس لا بد لهم من الدعوة إلى الله تعالى؛ وذلك لإخراجهم من الظلمات إلى النور.

من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الإسلام.

ومن ظلمات البدع إلى نور السنة.

ومن ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة والهداية.

ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم، كل بحسبه.

فحاجة الناس وضرورتهم إلى الدعوة إلى الله تعالى والهداية أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب، بل لا يستقيم أمر العالم إلا بالدعوة إلى الله تعالى، ولولا ذلك لأصبحت الأرض رجراجة متكفئة، ولعاش الناس فوضى كالبهائم؛ فجنس الإنسان لا يستغني عن الأمر والنهي؛ لأنه لا يمكن أن يستقل بمعرفة الحق والخير على الكمال والتمام، وإن كان يدرك الشر والخير بالجملة، وذلك بما وهبه الله من عقل وحواس، إلا أنه لا يعرف حقائق الأشياء على التفصيل إلا بالوحي من الله تعالى، ولذلك احتاج الخلق إلى إرسال الرسل، وإنزال الكتب، وقيام الحجة.


(١) رواه البخاري (١ / ١٢٩، ١٨٣) ، ومسلم (١ / ١٧٩) مع النووي، واللفظ لمسلم.
(٢) صحيح مسلم (١ / ٤٦) .

<<  <   >  >>