حظيت بالأئمة الأكفاء، لأن الناس يطمئنون للإمام العالم، ويجلسون بين يديه ليأخذوا عنه، وينهلوا من علمه، ويسترشدوا بحكمته ورأيه.
وإذا كانت رسالة العالم في الأصل عظيمة فإنها تزداد حين يتولى الإمامة، وإمامته ليست قاصرة على القيام بالخطب والمواعظ، وإنما هي تعليم في مختلف علوم الشريعة في فقه الإيمان، وفقه الأحكام، وغيرهما من علوم الغاية أو الوسيلة التي يحتاجها الناس بمختلف فئاتهم.
والإمام العالم يتولى الفتوى، ويجيب على أسئلة الناس ويعالج مشكلاتهم بأسلوب علمي رصين، ووعظي مؤثر، والعالم حين يقوم بهذا يستذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان مسجده مقرا لتعليم الناس قولا وعملا، وكان أصحابه رضي الله عنهم يتحلقون حوله ليسمعوا حديثه، بل كان عليه الصلاة والسلام يعلم الناس من على المنبر ففي صحيح مسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال «ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر، ثم رفع فنزل القهقري حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي»(١) .
(١) رواه مسلم في كتاب المساجد باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة ١ / ٣٨٧.