تقديم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. . . أما بعد:
فإن ما حدث ويحدث في العالم من ظواهر وتغيرات اجتماعية، ومستجدات وأحداث، تحتاج من المجتمع البشري إلى دراسة وتمحيص لتمييز الغث من السمين.
وهذه الدراسة يجب أن تكون علمية تعتمد على الأسس والأساليب والمعايير العلمية لتحقيق ذلك المستوى من التمييز، فلا يكون النظر إليها نظرا مجددا يدفعه الحماسة أو المدافعة عن وجهة النظر، وهذا بلا شك يحتاج إلى روية وتجرد وعدل في جانب الباحث، وإلى تحديد وتحرير وتعريف علمي دقيق لموضوع الدرس والمناقشة.
وفي هذا الإطار، فإن الإرهاب - بمفهوم الإفساد في الأرض، ونشر الرعب والخوف السلبي بشتى صوره وأشكاله - من الأحداث التي رزء بها إنسان هذا الكون، وهو بهذا المفهوم قديم، نجد الإشارة إليه في الحوار الرباني مع الملائكة:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٣٠] .
فأشارت الملائكة إلى الفساد في الأرض وسفك الدماء وهما من الإرهاب في مفهومه السلبي، ولكن العليم الخبير قال:{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٣٠] .
فالإرهاب بذلك المفهوم ليس له وطن ولا دين، وليس حديث النشأة، ومعاناة الإنسان منه ليست للتو، إنما هي سلسلة وتاريخ طويل من الأحداث.
لذا جاءت معالجة هذا الأمر في الديانات السماوية وخاتمتها ديننا الإسلامي الذي أوفى هذا الموضوع حقه في المعالجة الوقائية والعلاجية.