ومما امتن الله به على عباده نعمة الأمن، وهي من أجل النعم التي أنعم الله بها عليهم؛ قال تعالى:{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ - الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}[قريش: ٣ - ٤][قريش: ٣، ٤] .
٢ - إشاعة العدل في كل شيء العدل من العوامل الرئيسة، والآداب السامية، والأخلاق الرفيعة التي تؤدي إلى الوقاية من الظلم والطغيان، وبالتالي تقطع الطريق على التطرف والإرهاب؛ لأن عدم العدل بين الناس هو من أسس نشأة الإرهاب، لأن المظلوم أو المقهور إن لم يستطع نيل حقه بالطرق المشروعة، فقد يعلن عن غضبه بقيامه برد الظلم بمثله، ومن هنا ينشأ الإرهاب المضاد. ولذلك كان أمر الله سبحانه وتعالى بالعدل صريحا، حيث قال:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النحل: ٩٠][النحل: ٩٠] .
ولمعنى العدل في الإسلام مفاهيم كثيرة، والمعنى في هذه الآية هو الحكم المنصف، أي: أداء كل شيء إلى من هو له على وجه الإنصاف، أو إيفاء الناس حقوقهم التي تجب (١) .
ولم يفرق الإسلام بين الناس في مسألة العدل بسبب الجنس أو الديانة أو العرق، فحقوق الإنسان مكفولة في الإسلام باعتبار أن كل البشر عند الله بمكانة واحدة من حيث العدل بينهم، ولا تمييز بين الناس إلا في مسألة الطاعة لله سبحانه وتعالى والتقوى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: ١٣][الحجرات: ١٣] .
وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«كلكم لآدم، وآدم من تراب» .
وانطلاقا من مبدأ إنسانية الإسلام وعالميته، فإن الله يأمر المسلمين بالعدل الشامل الكامل، حتى مع من يسيئون إليهم؛ لأن العدل حق لله، ولا ينبغي تجاوزه:
(١) محمد عطا أحمد يوسف: العدل في القرآن الكريم (القاهرة، د. ت) ، ص ٥٠، والتعريف للإمام الطبري.