للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول الفخر الرازي في تعليقه على الآية: "فالنفس الإنسانية أشرف النفوس الموجودة في العالم السفلي، وبدنه أشرف الأجسام الموجودة في العالم السفلي " (١) .

٨ - تحريم قتل النفس: حرم الإسلام قتل النفس وسفك الدم المعصوم، وجعل ذلك من كبائر الذنوب؛ قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: ٣٣] [الإسراء: ٣٣] ، " والقتل ظلما أكبر الكبائر بعد الكفر، وموجب لاستحقاق العقوبة في الدنيا والآخرة " (٢) .

وقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} [المائدة: ٣٢] [المائدة: ٣٢] ، وقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣] [النساء: ٩٣] ، وجعل من صفات المؤمن عدم القتل؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: ٦٨] [الفرقان: ٦٨] ، ويقول الإمام القرطبي - رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "دلت هذه الآية على أنه ليس بعد الكفر أعظم من قتل النفس بغير الحق، ثم الزنا" (٣) .

ومن السنة ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. . .» (٤) .

وروى الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما» ، وقال ابن عمر رضي الله عنه: "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله " (٥) ولو اشترك أهل السماء والأرض في قتل رجل واحد، لكان ذلك موجبا لدخولهم النار جميعا، روى الإمام الترمذي: «لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» (٦) .


(١) فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، ٢١/ ١٢، ومعنى قوله: "العالم السفلي" أي في الأرض.
(٢) محمد بن أحمد بن حمزة الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، مج ٧، (القاهرة: المكتبة الإسلامية، ١٣٥٨ هـ/ ١٩٣٩ م) ، ص ٢٣٣.
(٣) محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، المجلد ٧، جـ ١٣، ص ٧٦.
(٤) صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الحدود، ١٢/ ١٨٨، الحديث رقم (٦٨٥٧) ، وانظر أيضا: صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الإيمان، ٢/ ٤٤٤، رقم الحديث (١٤٥) .
(٥) صحيح البخاري مع فتح الباري، ١٢/ ١٨٨، كتاب الديات، حديث رقم (٦٨٦٢) .
(٦) رواه الإمام الترمذي في سننه، باب الحكم في الدماء، عن أبي سعيد الخدري (٢/ ٤٢٧، الحديث رقم (١٤١٩) وقال عنه: (هذا حديث غريب) والحديث صححه الشيخ الألباني، انظر: صحيح سنن الترمذي ٢/ ٥٧.

<<  <   >  >>