للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهكذا تؤكد الدراسات الإعلامية الحديثة فاعلية الاتصال الخطابي الذي استخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ رسالات ربه، واستخدمته الحضارة الإسلامية في الإعلام، ومع ذلك فالوسيلة تحتاج إلى مقوم العلم من المنبر إلى أحدث وسائل الاتصال، إذ لا بد للقائم بالاتصال من معرفة خصائصها، حتى يستخدمها بفاعليتها كما استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم وسيلة الاتصال الخطابي بفاعلية الأساليب الفنية والمداخل النفسية للجمهور المتلقي تحتاج أيضا إلى العلم، وقد أثبت التحليل الإعلامي لخطب الرسول صلى الله عليه وسلم ومراعاته الأسس الفنية لصياغة الرسالة أو الخطبة في شكل بليغ مقنع، مراعيا فيه نفسية الإنسان العربي، فجمعت الخطب بين فصاحة اللفظ وجودة المعنى وحسن الأداء، وبلغت من البلاغة ذروتها ووصلت من الروعة إلى القمة؛ إنها من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، فيها أخذ من القرآن أو وحي إليه من الرحمن: قال الجاحظ (١) في وصف كلامه صلى الله عليه وسلم: وهو الكلام الذي قل عدد حروفه، وكثر عدد معانيه، وجل عن الصنعة، ونزه عن التكليف، وكان كما قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦] (٢) .

وفي مداخل الخطب النفسية ودلالات الأساليب الفنية مثل: فن التوقيت للصدع برسالته وتبليغ الناس بها والبدايات المثيرة لانتباه السامع، ومدخل الهمة والمشكلة لتحويل الانتباه والأسلوب الحواري ومبدأ البشارة والنذارة كل ذلك كان مبنيا على معرفة حال الجمهور المستهدف بالاتصال، وما يناسب حاله من الأساليب النفسية والمداخل الفنية، حتى يصل بالسامع من مرحلة الأنس بالفكرة إلى الاقتناع بها.


(١) نقلا عن محمد أبو زهرة، الخطابة أصولها وتاريخها، (القاهرة: دار الفكر العربي، ١٩٨٠م) ، ص: ٢٦٢.
(٢) سورة ص: آية: ٨٦.

<<  <   >  >>