للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ينبغي عدم التكلف؛ لأن الله يكره البيان من الرجل الذي يتخلل بالكلام كما تتخلل البقر، فالتقعر يحول الكلام الجميل إلى قبيح.

وقد اعوج في قضية الجمال فريقان:

الأول: ينظر إلى الجمال ويتذوقه دون مقياس أو معايير شرعية تحكمه وتحكم عليه، وهذا الفريق أفرط حتى رأى الجمال في المعصية والعري والوثنية والفساد، وبعض هذا الفريق من يتصور الجمال في كل شيء قبيح، قد فسدت فطرته وفسد ذوقه، ومثال ذلك يظهر في بعض شباب الغرب الذين خرجوا عن إلف الفطرة فهم يريدون النوم في العراء ولبس الثياب الممزقة وعدم الغسل متأثرين بفلسفة الحرية المطلقة من كل قيد في الحضارة الغربية، والتي ترى قمة الإنسانية في الحرية المطلقة وقمة الحرية في الجمال، وطالما أن الحرية تؤدي إلى الجمال فأي وضع كانت عليه حريتك أو كنت عليه في ممارسة حريتك فهو قمة الجمال!!! ومثل هؤلاء المتصوفة الذين يقولون الكلب أخي والخنزير حبيبتي كما يزعم محي الدين بن عربي (١) .

الثاني: فريق يرى أن هناك تعارضا بين الحق والجمال فأخذ يقلل منه؛ لأنه يتعارض مع الحق عنده، وهذا الفريق يلاحظ عليه قلة العلم والجهل بالدين، وقلة العلم بالقرآن والسنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم , فهم يرون القرآن حقا ولا يحتاج إلى التجميل، وما يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم حق، ونسوا أنه صلى الله عليه وسلم مع ذلك قال: «زينوا القرآن بأصواتكم» (٢) وهكذا نلاحظ أن


(١) نقلا عن شيخنا زين العابدين الركابي، من محاضرة ألقاها في قاعة كلية الدعوة والإعلام سنة ١٤٠٩هـ.
(٢) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مرجع سابق، ج٧، ص: ١٧٣، وقال: وثقه البخاري وغيره ورجاله رجال الصحيح.

<<  <   >  >>