للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يعني لقاء أمة بأمة، وحضارة بحضارة، ومنهج فكري بمنهج فكري، فلا يصح أن يكون هذا الاتصال والمناهج مضطربة والصفوف مختلفة؛ لأن هذا اللقاء يمثل معركة فكرية حضارية والنصر فيها لمنهج الحق وأهله شريطة أن يحسنوا حمله كما حمله الرسول صلى الله عليه وسلم في حركته الدعوية، ويحسنوا فهم المسلمات الأساسية للمنهج وينطلقوا منها في تفاعلهم واتصالهم بالناس، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: ٣٣] (١) .

إن الظهور الإعلامي الذي هو جزء من الظهور المطلق سيكون للمنهج الذي يتمثل في الدينونة لله الواحد الأحد، ولقد تحقق ذلك - كما تبين في الفصل الأول - لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحقق لخلفائه من بعده، وللدولة الإسلامية في عهودها الزاهرة، وسيعود لمنهج الإعلام الإسلامي الظهور، ولفكره الظهور على كل فكر، ولدينه الظهور على كل دين، عندما يلتزم الإعلام الإسلامي بالهدي النبوي، وينطلق في الحركة الاتصالية من خلال مسلمات الأمة الإسلامية وإطارها العام والاتصال بالجماهير بالبيئة الفكرية والاجتماعية والثقافية للعملية الاتصالية (٢) ولقد تبين من خلال تحليل الجوانب الإعلامية لخطب الرسول صلى الله عليه وسلم مراعاته لخصائص كل شكل من أشكال الاتصال، فالطرح الإسلامي في خطبة أول جمعة للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يختلف عن الطرح الإعلامي في الاتصال شبه الجماهيري في خطبته في حجة الوداع، والدراسات الإعلامية تؤكد على أهمية مراعاة خصائص كل وسيلة إعلامية وتحقيق أكبر قدر ممكن من الإقناع وذلك لأن المقدرة


(١) سورة التوبة، آية: ٣٣.
(٢) د. إسماعيل علي سعد، الاتصال والرأي العام، مبحث في القوة والأيدولوجية، (الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، ١٩٨١م) ، ص: ٥٨، وما بعدها.

<<  <   >  >>