للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

به الذين كفروا فيحلوا ما حرم الله، ويحرموا ما أحل الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. أما بعد أيها الناس: فإن لكم على نسائكم حقا، ولهن عليكم حقا، لكم عليهم ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، وعليهن ألا يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع، وتضربوهن ضربا غير مبرح، فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان، لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنكم إنما أخذتموهن، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت، وقد تركت فيكم ما إن استعصمتم به فلن تضلوا أبدا، أمرا بينا، كتاب الله وسنة نبيه. أيها الناس: اسمعوا قولي واعقلوه، تعلمن أن المسلم أخ المسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم، اللهم هل بلغت» , ويقول ابن إسحاق ذكر لي أن الناس قالوا: اللهم نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اشهد " (١) .

الرواية الرابعة: قال صلى الله عليه وسلم بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «أيها الناس: اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا، أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، وربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب، وإن دماء الجاهلية موضوعة،


(١) ابن هشام، سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، جـ٤، (القاهرة: دار الفكر) ص: ٢٧٥، وما بعدها.

<<  <   >  >>