إما تبليغه القول المذكور في الحديث أو تبليغ جميع الأحكام. فرب مبلغ أوعى من سامع، أي عسى أن يكون بعض من لم يشهد أوعى لما أقول من بعض من شهد، ثم قال: وفي هذا الحديث من الفوائد: الحث على تبليغ العلم وجواز التحمل قبل كمال الأهلية، وأن الفهم ليس شرطا في الأداء، وأنه قد يأتي في الآخر من يكون أفهم ممن تقدم) (١) .
هكذا علم الرسول صلى الله عليه وسلم أمته مبدأ المسؤولية الإعلامية، فقد أمره الله تعالى تبليغ رسالة ربه للناس جميعا، وأن يحاج المكذبين والكفار ويخاطب عقولهم، ولكن الله تعالى لم يترك لرسوله وهو النموذج الأول لرجل الاتصال حرية القول على الإطلاق بل حدد له منها حدا للقول وللاتصال، وأوجب عليه أن يعتمد في اتصاله بالناس على الحكمة والموعظة الحسنة، وأن يجادل الناس بالتي هي أحسن، وأن لا يسب الذين يدعون من دون الله , وأن يقول للناس حسنا، هذه الحدود لحرية القول وللمسؤولية الإعلامية علمها الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته وحملهم إياها كما علمهم الصلاة، وقال صلوا كما رأيتموني أصلي، وحج وقال خذوا عني مناسككم.
هذه المسؤولية الإعلامية لها أثرها في حياة الناس، فهي بلا شك تعود على الأفراد والأمم بالنفع العام , وتؤدي إلى الإخاء والحب والاحترام والتعاون بين الأفراد والهيئات داخل المجتمع الإسلامي وخارجه، وتجمع كلمة أولي الأمر على الحق، وتقضي على النعرات الشخصية والطائفية، وهذا كله ينقص النظام الإعلامي العالمي اليوم، إن المسؤولية الإعلامية في
(١) ابن حجر العسقلاني، شرح صحيح البخاري، جـ١، ص: ١٥٩.