للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢ - الرواية في نظره تحتاج إلى العلم بقواعد السياسة وطبائع الموجودات واختلاف الأمم والبقاع والأعصار في السير والأخلاق وسائر الأحوال , والإحاطة بالحاضر من ذلك، ومماثلة ما بينه وبين الغائب من الوفاق أو بون ما بينهما من الخلاف، وتعليل المتفق منها والمختلف، والقيام على أصول الدول والملل ومبادئ ظهورها وأسباب حدوثها ودواعي كونها وأحوال القائمين عليها وأخبارهم حتى يكون مستوعبا لأسباب كل حادثة، واقفا على أصول كل خبر، وحينئذ يعرض الخبر المنقول على ما عنده من القواعد والأصول، فإن وافقها وجرى على مقتضاها فهو صحيح وإلا زيفه واستغنى عنه (١) ومن خلال هذا المنهج الراشد لرواية الأخبار القائم على نصوص الوحي بشقيه، وعلى ضوابط أهل الحديث، وقواعد أهل السير، ورواة التاريخ يمكن لرجل الإعلام الإسلامي أن يستقي أخباره إن لم يكن وفق منهج أهل الحديث فلا أقل من منهج رواة التاريخ.

وفي إطار هذه المحددات الأساسية، ومن خلال الدلالات الإعلامية لخطب النبي صلى الله عليه وسلم يمكن إبراز عدة معايير يمكن انتقاء الأخبار في إطارها هي:

١ - معيار القرب الفكري والعقدي ودليل ذلك عمل السلف من الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عن نيار بن مكرم الأسلمي قال: لما نزلت {الم - غُلِبَتِ الرُّومُ - فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ - فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ١ - ٤] (٢) فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإياهم أهل كتاب وذلك قول


(١) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، جـ١، (بيروت: مؤسسة جمال للطباعة والنشر ١٣٩٩هـ) ص: ٢٩.
(٢) سورة الروم، آية ١-٣.

<<  <   >  >>