أخي: تلك هي أقسام ذلك العلم الشامخ (الورع! ) جعلني الله وإيَّاك من أهله .. وكساني وإياك حلته في الدنيا، ولقّانا جزاءه يوم المعاد ..
أخي: إنك مع الورع كرجل على سفينة تقاذفتها الأمواج! وإنما نجاتها بربانها، فإذا مهر في قيادتها كانت النجاة، وإلا كان الغرق! فقد أخطأت كثير من الأفهام معنى الورع وحقيقته؛ فلك أخي أن تقف على حقيقته مع هذه الكلمات الجامعة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فهي مع وجازتها حملت الجَمَّ الغزير من المعاني.
قال رحمه الله:(تمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشرَّ الشَّرَّين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلاَّ فمن لم يوازن ما في الفعل والتَّرك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات! ويفعل محرَّمات! ويرى ذلك من الورع! ).
أخي: وتأمل معي كلام تلميذه وناهل معينه؛ الإمام ابن القيم رحمه الله فهو كأنما يضع قدمه على آثار شيخه يوم أن قال:(وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الورع كله في كلمة واحدة فقال:«من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» فهذا يعم التَّرك لما لا يعني: من الكلام والنَّظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه الكلمة كافية شافية في الورع).
أخي في الله: تلك قطوف قطفتها لك على عَجَل من كلام العلماء الربانيين؛ وبقيت في اليد بقيَّة، وها أنا أقدمها إليك .. لأوقفك أخي على علامات الورع، والتي يجدها في أنفسهم أهل الورع .. فانظر أخي- هداني الله وإياك -أين أنت منها؟ !