صنع إناء من خشب ما الأصل فيه نقول هو مباح كذلك لو صنع إناء من صفر أو حديد نقول هذا مباح لكن لو جعل فيه شيء من الفضة أو الذهب على أي هيئة كانت حينئذٍ نقول هذا الأصل فيه الإباحة لكن لما ألحق به ما هو محرم حينئذٍ ألحق بالمحرم ذهب والفضة في الحكم (ومضبباً بهما) المضبب هو الذي عمل فيه ضبة مأخوذ من الضب والتضبيب وهو تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض وهي في الأصل حديدة تجمع بين طرفي المنكسر قد يكون الإناء مصنوعاً من حديد فيقع فيه نوع تشعب أو انكسار حينئذٍ يصلح بماذا؟ بسلسة أو بشيء من الذهب أو الفضة فيسمى الإناء كله يسمى ماذا؟ يسمى مضبباً لوضع هذه القطعة من الذهب أو الفضة قال الجوهري (هي حديدة عريضة يضبب بها الباب - هذا في الأصل - يضبب بها شق الباب ونحوه بوضع صفيحة عليه تضمه وتحفظه أو يشعب بها الإناء)، (ومضبباً بهما) أي الذهب والفضة حينئذٍ المضبب هو إناء طاهر مصنوع من غير الذهب أو الفضة ويوضع فيه شيء من الذهب أو الفضة بأي شيء كان مهما اختلفت الصناعات ومهما تطورت حينئذٍ كل إناء وضع فيه شيء الذهب ولو لون الذهب أو الفضة ولو لون الفضة حينئذٍ صار مضبباً فيأخذ حكم الذهب الخالص والفضة الخالصة قال (أو بأحدهما) يعني لا يشترط أن يجمع بينهما كما هو ظاهر العبارة (ومضبباً بهما) يعني بالذهب والفضة طيب لو ضبب بأحدهما بالذهب دون الفضة أو بالفضة دون الذهب الحكم واحد أو لا؟ الحكم واحد فذكر المصنف لتضبيب بالذهب والفضة لا يستلزم منه أنه لو ضبب بأحدهما أن يكون الحكم مخالفاً إذاً آنية ذهب وآنية فضة والمضبب بهما أو بواحد منهما ما الحكم قال (فإنه يحرم) هذا يقابل يباح قال (يباح اتخاذه واستعماله) هنا قال (فإنه يحرم) والتحريم معلوم أنه هو ما طلب الشارع تركه طلباً جازماً فهو حكم شرعي ما الذي يحرم من هذه الآنية آنية الذهب والفضة والمضبب بهما أو بأحدهما؟ يحرم اتخاذها واستعمالها حينئذٍ مطلق الاستعمال ومطلق الاتخاذ فأي استعمال للآنية الذهب أو الفضة سواء كان الاستعمال في الأكل أو في الشرب أو في غير الأكل والشرب أو اتخاذ آنية الذهب والفضة بأن يقتنى زينة أو لكونه يستعمل في المستقبل على أي وجه كان آنية الذهب والفضة والمضبب بهما أو بأحدهما محرم، وعندنا هنا ثلاثة أشياء أولاً: استعمال لآنية الذهب والفضة في الأكل والشرب، ثانياً: استعمال لآنية الذهب والفضة لغير الأكل والشرب، ثالثاً: الاتخاذ، أما استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب فهذا محل إجماع بين الصحابة وإن خالف بعض المتأخرين بأنه يكره وإنما انعقد الإجماع إجماع الصحابة على أنه يحرم استعمال هذين النوعين في الأكل والشرب ولذلك جاء في حديث الصحيحين (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)(لا تشربوا) لا ناهية وتشربوا فعل مضارع سلط عليه أداة النهي حينئذٍ يعم الشرب أكثره وأقله أدنى شربة نقول هذا محرم للعموم النص ثم هذا النهي يحمل على أصله وهو التحريم إذ الأصل في النهي أن يحمل على التحريم لكن ليس كل ما يحمل على التحريم يدل على أنه كبيرة من الكبائر ومعلوم أن استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب من