تلبسه وهي لا تفهم عجمتها إلا بواسطة تعرف من ترجمتها إرادتها وسار بها وغلامه يزجي بغلتها لا تعلو نشزا ولا وعرا ولا تشتط واديا ولا وهدا إلا ويزداد فرحا بها وسرورا بحالها لما يرى من تعجبها مما تراه بالطريق من رفع وخفض وطول وعرض حتى وصل بلده واحتاط لدخولها بالنهار وأنزلها جنة له خارج المدينة إلى أن انسدل جنح الظلام فأدخلها المدينة وقد نهض بفرسه من أمامها يقصد داره المعدة لنزولها ومقامها، وكان بربضها رجل قفاص كانت له خلطة مشهورة وفتكات مذكورة إلى أن تاب وكبر سنه وصار مفردا يسكن حانوته ولانفراده في مسكنه وضيعة حاله ووطنه كان كثيرا ما يسهر لضوء السراج داخل الحانوت أو القمر خارجه، ولحين ما رأته حملتها عادتها معه على الطنزية والتوقيح معه إلى أن قالت له: الشيخ السوء يعيش فرفع رأسه إليها وقال لها فلانة أوقد جئت، وسمع الغلام ذلك فعجب من فصاحة لسانها وبرع كلامها ولما وصلوا إلى الدار أخبر مولاة بما اتفق فسقط في يده وأشفق من تلاف ماله وخسارة صفقته ووجه من أهل مودته إلى القفاص يسأله فقال: وهي إلا فلانة الشاطرة خدينة الخلطيين وصاحبة الفتاك المنقطعين، ولما تقرر ذلك لديه عظم الأمر عليه وجعل يرتاد كيف التخلص منها والزوال عنها وعندما شعرت بما ثبت لديه من أمرها وتقرر عنده من عادتها وفجورها قالت له: لا عليك مما نهى إليك إن كنت تخاف على مالك احملني إلى المرية تأخذ الزائد على ما وزنت، وكانت المرية إذ ذاك مخط السفن ودار التجار والمسافرين فاعتمد مقالتها ولزمت زيها وحالها حتى ورد بها المرية وباعها بأزيد مما دفعه ثمنا فيها ولولا براعة رئيها وكمال حسنها في حالتي مسراها ومثواها كان المسكين قد خسر واعتاض بالأيمن من الخطر.