للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم على النحو سالف الذكر، والدليل على ذلك أمور منها:

أولا - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦]

هذه الآية لا دلالة فيها على أحد القولين من أن الأصل في المخبر العدالة أم الجهالة، وإنما تدل بمنطوقها على التثبت والتوقف في خبر من تبين فسقه لنرى هل صدق في هذا الخبر أم لا، وتدل بمفهومها على قبول خبر من من لم يعرف بفسق، وأما من لم يتبين حاله هل هو فاسق أم عدل ماذا نفعل في خبره هل نتوقف فيه أم نقبله؟

قال الشنقيطي في "المذكرة" (ص/١٣٨): (ومدار هذا الخلاف على أن شرط القبول هل هو العلم بالعدالة أو هو عدم العلم بالفسق فمن قال لا يقبل مجهول العدالة قال المدار على علم العدالة والمجهول لم تعلم عدالته فلا يقبل ومن قال يقبل قال المدار على عدم العلم بالفسق وهذا لم يعلم منه فسق فيقبل).

والقول بقبول رواية مجهول العدالة هو قول الحنفية، وقد رده الألوسي الحنفي في "روح المعاني" (١٣/ ٢٩٨): (واستدل الحنفية بها على قبول خبر المجهول الذي لا تعلم عدالته وعدم وجوب التثبت لأنها دلت على أن الفسق شرط وجوب التثبت فإذا انتفى الفسق انتفى وجوبه وهاهنا قد انتفى الفسق ظاهرا ونحن نحكم به فلا يجب التثبت. وتعقب بأنا لا نسلم أنه هاهنا انتفى الفسق بل انتفى العلم به ولا يلزم من عدم العلم بالشيء عدمه والمطلوب العلم بانتفائه ولا يحصل إلا بالخبرة به أو بتزكية خبير به له).

وعليه فالأقوى أنه يلحق بالفاسق حكما ونتوقف في خبره حتى نتبين حاله؛ حماية لجناب السنة حتى لا يلحق بسنة النبي ما لم يقله، وفي ذلك من المفاسد في ناحية التعبد ما لا يخفى.

ثانيا - ما عليه الجمهور من رد رواية مجهول العين والحال، ولو كان الأصل في الراوي العدالة لما رُدَّ حديثه.

قال ابن الصلاح في "مقدمته" (ص/١١١): (المجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعا، وروايته غير مقبولة عند الجماهير). ثم قال: (المجهول العين،

<<  <   >  >>