للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في تعريف العلة بالمعنى العام.

[ملاحظة: مناقشة كلام الشيخ المليباري في التلازم بين العلة وبين القدح في الصحة:]

قال المليباري في رسالته " الحديث المعلول قواعد وضوابط " تحت عنوان: التلازم بين العلة وبين القدح في الصحة: [ما ينبغي ذكره هنا أنه يمكن أن نستخلص مما سبق أن العلة كلها قادحة، لأنها دالة على وهم الراوي وخطئه، ويكون الخطأ قادحا في صحة ما وقع فيه الخطأ، وقد يكون ذلك في الإسناد أو في المتن أو في كليهما، ولا تخرج العلة عن أن تكون قادحة، ولهذا جاء تعريف العلة متضمنا ذلك حين قالوا: ''إن العلة عبارة عن سبب غامض يقدح في صحة الحديث''.

وعلى الرغم من اتفاق المتأخرين على ذكر القدح في تعريف العلة كقيد وشرط، فإنهم في الوقت ذاته يقسمونها إلى قادحة وغير قادحة!! ولعل هذا التقسيم لخلفيتهم العلمية المزدوجة، التي لا تتفق مع منهج المحدثين في نقد الحديث، كما سيتضح لنا من المثال الآتي.

روى مخلد ويعلى بن عبيد عن سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عيه وسلم حديثا في خيار البَيِّعين (١). يقول النقاد: هذا وهم من مخلد ويعلى إذ أضافا الحديث إلى عمرو بن دينار، وهو لم يحدث به، والصواب: أن هذا الحديث إنما رواه عبد الله بن دينار، وليس عمرو بن دينار. وهذه العلة في الإسناد غير قادحة في صحة المتن، لأنه صح عن سفيان من طرق أخرى.

وبهذا وغيره قالوا: العلة قد تكون غير قادحة، أي لا تقدح في صحة المتن، والواقع أن ذلك لا ينفي كون تلك العلة قادحة، إذ لا يختلف اثنان على عدم صحة روايتهما، وأن العلة هنا أصبحت قادحة في صحة الحديث عن عمرو بن دينار، وإن كان المتن صحيحا. كما أن الاضطراب حول اسم الصحابي الذي روى الحديث، أو راويه الثقة لا يعدونه علة قادحة أيضا، لأنه أيا كان هذا الراوي


(١) - رواه النسائي في ٧/ ٢٥٠ من طريق مخلد به، والطبراني في الكبير ١٢/ ٤٤٨ من طريق يعلى بن عبيد به.

<<  <   >  >>