للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالعدالة؛ فيجب اعتبارها فيه. قال ابن قدامة: " وإذا كانت المروءة مانعة من

الكذب، اعتبرت في العدالة كالدِّين " فالكذب دناءة، والمروءة تمنع منه؛ فحقَّقَت ما من أجله أشترطت العدالة، وقياسا على اشتراط الإسلام فإنه يمنع من الكذب؛ فكذا المروءة).

[تعريف العدالة]

يمكننا من خلال هذه الشروط التي سبق مناقشتها أن نعرف العدالة المعتبرة في الرواية بأنها: (غلبة خير الراوي على جوره بحيث يظن صدقه)، والعدل هو الراوي الذي غلب خيره على شره حتى ظن صدقه).

وغليه الخيريه هذه نتيجة تتبع حاله ومعرفة مدى تحقق شروط العدالة والمروءة فيه، وثمرة هذه الغلبة ترجح جانب صدقه على كذبه.

وقولنا: (يظن صدقه) يشمل أن يكون مسلما حال الآداء؛ لأن المسلم لا يكذب، فدينه يمنعه من الكذب، وأن يكون عاقلا مميزا حال التحمل والآداء.

وأيضا من لا مروءة له لا تحصل الثقة بكلامه؛ لأن من لا يستقبح القبيح ولا يترفع عن الدناءات لا يستقبح الكذب.

وقد لاح لك مما سبق الشروط المعتبرة وغير المعتبرة في عدالة الراوي، وبقيت لنا مسألتان نختم بهما هذا المبحث الخاص بالعدالة:

المسألة الأولى: هل الأصل في الراوي الجهالة أم العدالة؟

المسألة الثانية: بم تثبت العدالة؟

(وأما المسألة الأولى وهي: هل الأصل في الراوي العدالة أم الجهالة؟

عندنا ثلاث مسائل تكلم فيها العلماء وهي هل الأصل في المسلم العدالة؟ وهل الأصل في الشاهد العدالة؟ ومسألتنا هي هل الأصل في الرواي العدالة؟ وهذه المسائل بينها عموم وخصوص وقد تتداخل، وقد اختلف العلماء فيها على قولين بالإيجاب والسلب.

وسوف نركز كلامنا في الراوي، والذي أراه راجحا هو أن الأصل في الراوي الجهالة حتى تثبت عدالته ويغلب الظن صدقه في نقل كلام النبي صلى الله عليه

<<  <   >  >>