للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حال الصحة إلى حال الضعف، المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل. ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح. وسمى الترمذي النسخ علة من علل الحديث. ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف، نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط، حتى قال: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول!، كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو صحيح شاذ!. والله أعلم).

قال ابن حجر متعقباً كلام ابن الصلاح السابق: (مراده بذلك أن ما حققه من تعريف المعلول قد يقع في كلامهم ما يخالفه، وطريق التوفيق بين ما حققه المصنف وبين ما يقع في كلامهم أن اسم العلة إذا أُطلق على حديث لا يلزم منه أن يسمى الحديث معلولاً اصطلاحاً. إذ المعلول ما علته قادحة خفية، والعلة أعم من أن تكون قادحة أو غير قادحة، خفية أو واضحة. ولهذا قال الحاكم: " وإنما يعل الحديث من أوجه ليس فيها للجرح مدخل).

قلت: وقول ابن حجر: (أن اسم العلة إذا أُطلق على حديث لا يلزم منه أن يسمى الحديث معلولاً اصطلاحاً) بعيد، وإلا فماذا يسمى حينئذ؟! (١)

وكلام ابن الصلاح صحيح، والأمثلة كثيرة جداً على ما ذكره ابن الصلاح من وجود أنواع من الجرح في كتب العلل. وقد يذكرون الحديث في كتب العلل لا لوجود جرح في أحد رواتها! وإنما من أجل عدم سماع راو من آخر، كما في علل ابن أبي حاتم: (١٣٨).

بل وجدت ابن أبي حاتم أورد في كتابه العلل أحاديث لأغراض أخرى!


(١) - يسميه معلول لغة، وههنا قد تحاكم كلٌّ إلى اصطلاحه، ومن المعلوم أن ابن حجر يشترط قيد القدح في العلة الاصطلاحية، وعليه فما هو ليس بقادح لا يسمى علة اصطلاحية عنده، والكاتب قد حاكم ابن حجر إلى اصطلاحه في إدخال العلل غير القادحة في مسمى العلل بالمعنى العام، وأرى أن الخلاف لفظي فمن أطلق العلة على غير القادح كالخليلي قسم الصحيح إلى معلول، وغير معلول، ومن لم يقبل هذا الإطلاق فالعلة عنده قادحة فقط، وسيأتي مزيد بحث حول اشتراط القدح في العلة بمشيئة الله.

<<  <   >  >>