للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُخْلَصُ مما سبق إلى أن كثرة تبادل كل من: السين، والصاد، والزاي هي التي دعت القدماء من علماء اللغة إلى أن يعتبروا الإبدال بين كل زوجين منها قياساً وأن يفسروا ما ورد فيها من الروايات على أنه من الإبدال الجائز قياساً، لا على اللغات المنتسبة إلى بيئات مختلفة (١).

(كُشِطَتْ): من قوله تعالى: {وَإِِذََا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} (٢)، حيث قرئ "قُشِطَتْ".

(تَقْهَرْ): من قوله تعالى: {فَأمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} (٣)، حيث قرئ "تَكْهَرْ".

ذكر الزبيدي في مواضع عدة أن الكاف يُبْدَلُ منها القاف والعكس، من هذه المواضع مادتي (ق ش ط) و (ك ش ط) حيث دار شرح المادتين حول قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ لقوله تعالى: {وَإِِذََا السَّمَاءُ قُشِطَتْ} (٤) بالقاف، وقد شكلت القراءة حيزاً كبيراً من شرح المادتين، ذكر خلال هذا الحيز أن تَمِيماً وأَسَداً يقولون: قَشَطْتُ بالقَاف. وأَنَّ قريشاً وقيساً يقولون: كَشَطْتُ بالكاف، والمعنى واحد وأن هذا البدل وقع في كثير من الكلمات، نحو: القَحْطِ والكَحْطِ، والقَافُور والكافُور ... ويروي عن يعقوب قوله: "ولَيْسَتِ الكافُ في هذا بَدَلاً من القَافِ لأَنَّهُمَا لُغَتَانِ لأَقْوامٍ مُخْتَلِفينَ" (٥).

وكونهما لأقوام مختلفين لا ينفي عنهما البَدَلَ، ولكنه بَدَلٌ معروفٌ في بيئة محددةٍ والذي يؤكد البدل فيه أنه واقعٌ في كل تصاريف المادة مع تَوَحُّدِ المعنى، مما دعا الجوهري إلى إهماله على أن (قَشَطَ) لغةٌ في (كَشَطَ) على طريق البدل، وأن هذا البدل مُطَّرِدٌ في كثير من الكلمات كما مرَّ. وفي (ك هـ ر) يستهل الزبيدي المادة بقوله: " الكَهْرُ: القَهْر، وقرأَ ابنُ مَسْعُود: {فَأمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ} (٦)


(١) انظر: أثر القراءات القرآنية في الأصوات لعبد الصبور شاهين: ١٩٢، ١٩٣.
(٢) التكوير: ١١.
(٣) الضحى: ٩.
(٤) انظر القراءة في الدر المصون: ١٤/ ٢٨١، ومعجم القراءات للخطيب:١٠/ ٣٦٣.
(٥) التاج: ٢٠/ ٥٩.
(٦) هي قراءة ابن مسعود والشعبي وإبراهيم التيمي، انظر: الطبري في الجامع: ٢٤/ ٢٤٩، والقرطبي: جامع الأحكام: ١٩/ ٢٣٥، وأبي حيان: البحر المحيط: ١٠/ ٤٤١، والدر المصون: ١٤/ ٣٦٢، ومعجم القراءات للخطيب: ١٠/ ٤٨٤.

<<  <   >  >>