للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفعول به. وقرأ أبو بكر وابن فايد والجراح: {لا تَزِغْ قُلُوبُنَا} (١) بفتح التاء ورفع "قلوبنا"، وقرأه بعضهم كذلك إلا أنه بالياء من تحت، وعلى القراءتين فالقلوب فاعلٌ بالفعل المنهيِّ عنه، والتذكير والتأنيث باعتبار تأنيثِ الجمعِ وتذكيرِه، والنهيُ في اللفظ للقلوب، وفي المعنى دعاءُ الله تعالى، أي: لا تُزِغْ قلوبَنا فَتَزيغَ، فهو من باب "لا أُرَيَنَّك" (٢).

(تَصْعَدُونَ) (٣): قراءة في قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} (٤). [التاج: صعد]

اختلف اللغويون في التصاحبات اللغوية التي تصحب: صَعِدَ، وأَصْعَدَ، وصَعَّدَ، وتمثلت أقوالهم في التصاحبات الآتية: صَعِدَ في السُّلَّم، وأَصْعَدَ في الجبل، وصَعَّدَ في الأرض، مع اختلاف بينهم في ذلك، إلا أن الزبيدي قد اتخذ من قراءة الحسن البصري: {إِذْ تَصْعَدُونَ} شاهدا على أن الصعود في الجبل كالصعود في السلم، تقول: صَعِدَ في السلم، وصَعِدَ في الجبل.

واستشهد ابن الأعرابي على نفس الاستخدام بقوله تعالى: {إليه يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ} (٥) كما استشهد على: أَصْعَدَ في الجبل، بقراءة الجمهور: {إذ تُصْعِدُونَ} من (أصعد) الرباعي.

قال الفراء: "الإصعاد في ابتداء الأسفار والمخارج. تقول: أصعدنا من مكة ومن بغداد إلى خراسان، وشبيه ذلك. فإذا صعدت على السلم أو الدّرجة ونحوهما قلت:

صعدت، ولم تقل أصعدت. وقرأ الحسن البصرىّ: «إِذْ تَصْعَدُونَ وَلَا تَلْوُونَ» جعل الصعود في الجبل كالصعود في السلم " (٦).

وقال السمين: والجمهور على "تُصْعدِونَ" بضم التاء وكسر العين، من أصْعَدَ في الأرض إذا ذهب فيها، والهمزة فيه للدخول نحو: "أصْبح زيدٌ" أي: دخل في الصباح، فالمعنى: إذ تَدْخُلون في الصُّعود، ويبيِّن ذلك قراءةُ أبُيّ:


(١) انظر القراءتين: الكشاف: ١/ ٣٣٩، وجامع الأحكام للقرطبي: ٤/ ٢٠، ومختصر الشواذ لابن خالويه: ١٩
(٢) الدر المصون: ٣/ ٢٤٩.
(٣) قراءة الحسن انظر: الدر المصون: ٤/ ٢٠٤، وإتحاف الفضلاء: ٣٢٤.
(٤) آل عمران: ١٥٣.
(٥) فاطر:١٠.
(٦) معاني القرآن: ١/ ٢٣٩.

<<  <   >  >>