للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: أن تكون الهمزةُ للتعدية، والمفعولُ على هذا محذوفٌ أي: يَخْصِفان أنفسهما أي: يجعلان أنفسَهما خاصِفين" (١). وكون الهمزة للنقل هو الوجه الأشهر في التفسير (٢).

(تُهْجِرُونَ) (٣): قراءة في قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرَاً تَهْجُرُونَ} (٤). [التاج: هجر]

استشهد الزبيدي أثناء تناوله لـ (أهجر) بقراءة ابن عباس: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرَاً تُهْجِرُونَ} بضم التاء، وكسر الجيم، من أَهْجَرَ. وفي تناوله لهَجَرَ الثلاثي قال: هَجَرَ في نَوْمِه ومَرضِه: هَذَى. واستشهد على هذا المعنى بقراءة الجمهور لنفس الآية: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرَاً تَهْجُرُونَ}.

قال أبو زرعة: " قرأ نافع "سامرا تُهْجِرُونَ" بضم التاء وكسر الجيم، من أهجر يُهْجِرُ إذا هذى، فمعنى تُهْجِرُونَ: أي تهذون، وقالوا: أهجر المريض إذا تكلم بما لا يفهم، فكان الكفار إذا سمعوا قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلموا بالفحش وسَبُّوهُ، فقال جلَّ وَعَزَّ: "مستكبرين به" أي بالقرآن أي يحدث لكم بتلاوته عليكم استكبارا، "سامرا تهجرون" قال ابن عباس: تأتون بالهجر والهذيان وما لا خير فيه ... وقرأ الباقون بفتح التاء المعنى: أنكم تَهْجُرُونَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وآياتي وما يتلى عليكم من كتابي، فشبه الله تعالى مَنْ تَرَكَ القرآنَ والعملَ به كالهاجر لرشده" (٥).

وقال السمين: " قرأ العامَّةُ "تَهْجُرُونَ" بفتح التاءِ وضمِّ الجيمِ، وهي تحتمل وجهين: أحدهما: أنَّها مِن الهَجْرِ بسكونِ الجيمِ، وهو القطع والصَّدُ، أي: تهجُرُون آياتِ الله ورسولَه وتَزْهَدون فيهما، فلا تَصِلُونهما.

الثاني: أنها من الهَجَرِ بفتحها وهو الهَذَيانُ. يقال: هَجَر المريضُ هَجَراً أي هَذَى، فلا مفعولَ له. ونافع وابن محيصن "تُهْجِرُونَ" بضم التاءِ وكسرِ الجيم مِنْ أهجر إهْجاراً أي: أَفْحَشَ في مَنْطِقِه" (٦).


(١) الدر المصون: ٧/ ١٠٢.
(٢) انظر الكشاف: ٢/ ٩٦، والمحرر لابن عطية: ١/ ٣٧، والجامع للقرطبي: ١/ ١٨١.
(٣) هي قراءة نافع وابن محيصن و، انظر: الحجة لأبي زرعة: ٤٩٤، والدر المصون: ١١/ ٦١.
(٤) المؤمنون: ٦٧.
(٥) الحجة: ٤٨٩.
(٦) الدر المصون: ١١/ ٦١.

<<  <   >  >>