للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الزبيدي أن الأَزْرَ: القوة، واستشهد بقراءة ابن ذكوان {فَأَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ} من الفعل الثلاثي (أزر) على زنة (فَعَلَ)، وذكر أن سائر القراء قرؤو: "فَآزَرَهُ". وقد آزرَه: أعانَه وأسعدَه. والواضح من تمثيل الزبيدي بـ (أعان) و (أسعد) أن "آزره" على زنة (أفعل). وعند شرحه للمؤازرة قال: "المُؤازرةُ أن يُقَوِّيَ الزَّرْعُ بعْضُه بعضاً، فَيَلْتَفَّ ويتلاصَقَ، وهو مَجازٌ كما في الأساس. وقال الزَّجّاج في قوله تعالى: {فآزَرَه فاسْتَغْلَظَ} أي: فآزَر الصِّغارُ الكِبَارَ، حتى استَوَى بعضُه مع بعضِ. فاستشهاده بالآية هنا يدل على أنه جعل (آزر) على زنة (فاعل)، وهذا اللبس جاء من أن الفعل (أزر) على وزني: (فاعل) و (أفعل)، تجتمع أوله همزتان: أازر، وأأزر، والقاعدة تستبدل الهمزتين بألف مد (آ) فيصير شكل الفعل في الحالتين (آزر).

ولم يوضح الزبيدي هذا الإشكال، وقد ذكر الزمخشري ما يفيد جواز الوجهين فقال: "فَآزَرَهُ من المؤازرة وهي المعاونة. وعن الأخفش: أنه (أفعل).

وقرئ: "فَأَزَرَهُ" بالتخفيف والتشديد، أى: فشدّ أزره وقوّاه. ومن جعل آزر (أفعل)، فهو في معنى القراءتين" (١). ولكن السمين يذكر خطأ (فاعل) فيقول: "العامَّةُ على المدِّ "فآزَرَه" وهو على (أَفْعَل). وغَلَّطوا مَنْ قال: إنه (فاعَلَ) كمجاهدٍ وغيرِه بأنَّه لم يُسْمَعْ في مضارِعه يُؤَازِرُ بل يُؤْزِرُ. وقرأ ابن ذكوان "فَأَزَرَهُ" مقصوراً جعله ثلاثياً ... والمعنى في الكلِّ: قَوَّاه" (٢).

(ج) زيادة (فَعَلَ) بالألف: (فَاعَلَ).

(يَخْدَعُونَ اللهَ) (٣): قراءة في قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللهَ والَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ} (٤). [التاج: خدع]

تناول الزبيدي المخادعة من خلال القراءات الواردة في قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللهَ والَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ}، حيث ورد الفعل (يخدعون) مرتين في الآية، وقد قرئ في الموضعين مرة على زنة (يفعلون) وثانية على زنة (يفاعلون) وذكر أن الفعل إذا جاء على زنة (فاعل) فإنه يقتضي المشاركة بين طرفين فأكثر وبَيَّنَ أن هذا المعنى ليس مطرداً على الدوام؛ لأن السياق يرفض أحيانا هذه المشاركة، وهو لا يكتفي بتقرير هذا المعنى، وإنما


(١) الكشاف: ٤/ ٣٤٨.
(٢) الدر المصون: ١٣/ ١٤٦.
(٣) قراءة عبد الله وأبي حيوة، انظر: حجة ابن خالويه: ٦٨، والبحر: ١/ ٦٣.
(٤) البقرة: ٩.

<<  <   >  >>