للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو حيان: "ولا تنافي بين الحامية والحمئة إذ تكون العين جامعة للوصفين. وقال أبو حاتم: وقد تمكن أن تكون حامية مهموزة بمعنى ذات حمأة فتكون القراءتان بمعنى واحد يعني إنه سهلت الهمزة بإبدالها ياء لكسرة ما قبلها، وفي التوراة تغرب في ماء وطين" (١).

(حَذِرُونَ) (٢): قراءة في قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} (٣).

يذكر الزبيدي القراءتين: "حاذِرُونَ"، و"حَذِرُونَ"، ويفرق بين الصياغتين في المعنى دون أن يلفت الانتباه إلى أن الأولى اسم فاعل، والثانية صفة مشبهة فيقول: "وفي الكتاب العزيز: {وإِنّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ} وقُرِئ: "حَذِرُونَ" ... ومعنَى: حاذِرُون: مُتَأَهِّبُون، ومعنَى: حَذِرُون: خائِفُون، وقيل: مُعِدُّونَ. ورُوِيَ عن ابن مسعودٍ أَنه قال: مُؤْدُونَ: ذو أَداة من السِّلاح. وقال الزَّجّاج: الحاذِرُ: المُسْتَعِدُّ. والحَذْرُ: المُتَيَقِّظُ. وقال شَمِرٌ: الحاذِرُ: المُؤْدِي الشَّاكُّ في السِّلاح".

[التاج: حذر].

قال الطبري: "قرأته عامة قرّاء الكوفة: (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) بمعنى: أنهم معدون مؤدون ذوو أداة وقوّة وسلاح. وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة: "وأنا لجميع حذرون" بغير ألف. وكان الفرّاء يقول (٤): كأن الحاذر الذي يحذرك الآن، وكأن الحذر المخلوق حذرا لا تلقاه إلا حذرا ... والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار متقاربتا المعنى فبأيتهما قرأ القارئ، فمصيب الصواب فيه" (٥). وقال البغوي: هما لغتان (٦).

وقال الرازي: "واعلم أن الصفة إذا كانت جارية على الفعل وهي اسم الفاعل واسم المفعول كالضارب والمضروب أفادت الحدوث، وإذا لم تكن كذلك وهي المشبهة أفادت الثبوت، فمن قرأ "حَذِرُونَ" ذهب إلى إنا قوم من عادتنا


(١) البحر المحيط: ٧/ ٤٨٨.
(٢) قراءة ابن عامر، وأبي عمرو، ونافع وابن كثير وهشام ويعقوب وأبي جعفر، انظر: معاني الفراء: ٢/ ٢٧٥، والسبعة لابن مجاهد: ٤٧١، والكشاف: ٣/ ٣١٥، ومعالم التنزيل: ٦/ ١١٤، وروح المعاني: ١٩/ ٨٢، والإتحاف: ٥٩٤، ومعجم القراءات لمختار: ٣/ ٤٣٣.
(٣) الشعراء: ٥٦.
(٤) معاني القرآن: ٣/ ٢٤٥.
(٥) جامع البيان للطبري: ١٩/ ٣٥٣.
(٦) معالم التنزيل: ٦/ ١١٤.

<<  <   >  >>