للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحذر واستعمال الحزم ومن قرأ: "حَاذِرُونَ" فكأنه ذهب إلى معنى إنا قوم ما عهدنا أن نحذر إلا عصرنا هذا" (١).

وقال القرطبي: قال النحاس: أبو عبيدة يذهب إلى أن معنى "حذرون" و"حاذرون" واحد. وهو قول سيبويه، وأجاز: هو حذر زيدا، كما يقال: حاذر زيدا، وأنشد:

حَذِرٌ أُمُورَاً لا تَضِيْرُ وَآمِنٌ ... مَا لَيْسَ مُنْجِيَهِ مِنَ الأَقْدَارِ (٢)

وزعم أبو عمر الجرمي أنه يجوز: هو حذر زيدا، على حذف من. فأما أكثر النحويين فيفرقون بين حذر وحاذر، منهم الكسائي والفراء ومحمد بن يزيد، فيذهبون إلى أن معنى حذر في خلقته الحذر، أي متيقظ متنبه، فإذا كان هكذا لم يتعد، ومعنى حاذر مستعد وبهذا جاء التفسير عن المتقدمين" (٣).

(فَرِهِينَ) (٤): قراءة في قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} (٥).

قال الزبيدي: "فَرِهَ كفَرِحَ: أَشِرَ وبَطَر. قال الفراء: أقيمت الهاء هنا مقام الحاء في فَرِحَ والفَرَحُ في كلام العرب: الأَشَرُ والبَطَرُ، يقال: لا تَفْرَحْ أي لا تَأْشَرْ، وفى الصحاح قوله تعالى: {بُيُوتًا فَرِهِينَ} فمن قرأه كذلك فهو من هذا، ومن قرأه: {فَارِهِينَ} فهو من فَرُهَ بالضم. فعلى الأولى أي: أشرين بطرين، وعلى الثانية: حاذقين قاله الفراء (٦) ". [التاج: فره].

والواضح من كلامه اختلاف معنى القراءتين لاختلاف أصلهما. وللألوسي إسهام في هذه الآية حيث يرى أن الأصل واحد والاختلاف في الصيغة فقط؛ يقول: "وقراءة الجمهور أبلغ لما ذكروا في حاذر وحذر" (٧)، أي أن "فَارِهَاً" اسم


(١) مفاتيح الغيب: ٢٤/ ١١٩.
(٢) انظر: البحر المحيط: ٨/ ٤٠٤، والدر المصون: ١١/ ٢٠٠، وذكر البطليوسي في: الحلل في شرح أبيات الجمل: ٢١، أن هذا البيت مصنوع.
(٣) جامع الأحكام: ٣/ ١٠٢.
(٤) هي قراءة أبي عمرو، وابن كثير، وأبي جعفر، ويعقوب، انظر: جامع البيان للطبري: ١٩/ ٣٨٢، ومعالم التنزيل للبغوي: ٦/ ١٢٥، والحجة لابن زنجلة: ٥١٩، والنشر: ٢/ ٣٣٦، ومعجم القراءات لمختار: ٣/ ٤٤٤.
(٥) الشعراء: ١٤٩.
(٦) انظر: معاني القرآن: ٢/ ٢٧٧.
(٧) روح المعاني: ٧/ ٣٨٠.

<<  <   >  >>