للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الجوهري: والإدغام أكثر في "حَيَّ"؛ لأن الحركة لازمة، فإذا لم تكن الحركة لازمة لم تدغم، كقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ المَوْتَى} (١) ويقرأ: {ويَحْيَ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}.

وقال الفراء: "كتابتها على الإدغام بياء واحدة، وهي أكثر قراءة القراء، وقرأ بعضهم: {ويَحْيَ مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ} بإظهارها. قال وإنما أدغموا الياء مع الياء وكان ينبغي أن لا يفعلوا؛ لأن الياء الأخيرة لزمها النصب في (فَعَلَ) فَأَدْغَموا لَمَّا التقى حرفان متحركان من جنس واحد. قال ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة للياء الأخيرة فتقول (للرجلين قد) (٢): حَيَّا وحَيِيَا، وينبغي للجمع أن لا يدغم إلا بياء؛ لأن ياءها نصيبها الرفع وما قبلها مكسور فينبغي لها أن تسكن فيسقط بواو الجماع، وربما أظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادة تأليف الأفعال وأن يكون كلها مشددة فقالوا في حَيِيتُ: حَيُّوا، وفى عَيِيتُ: عَيُّوا. قال وأجمعت العرب على إدغام التحتية بحركة الياء الأخيرة كما استحبوا إدغام حَيَّ وعَيَّ للحركة اللازمة فيها فأما إذا سكنت الياء الأخيرة فلا يجوز الإدغام من يَحْيَى ويَعْيَى وقد جاء في الشعر الإدغام وليس بالوجه وأنكر البصريون الإدغام في هذا الموضع" (٣).

وللسمين الحلبى تحليل للإدغام في هذه الآية، وضح فيه بواعث الإدغام وشروطه فقال: "الإِظهارُ والإِدغام في هذا النوع لغتان مشهورتان: وهو كلُّ ما آخرُه ياءان من الماضي أولاهما مكسورة نحو: حَيِي وعَيِيَ. ومن الإِدغام قولُ المتلمس: (فهذا أَوانُ العِرْضِ حَيَّ ذُبابُه) (٤).


(١) القيامة: ٤٠.
(٢) ما بين القوسين زيادة من معاني الفراء: ١/ ٤١١.
(٣) التاج: ٣٧/ ٥٠٨، وأصل النص في: معاني الفراء: ١/ ٤١١.
(٤) هذا صدر بيت عجزه (زنابيره والأزرق المتلمس)، وهو لجرير بن عبد المسيح، وقد سمي بالمتلمس لهذا البيت، انظر: طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي: ٢١.

<<  <   >  >>