الحمد لله تعالى واهب النِّعم الجزيلة والسوابغ الغزيرة، والصلاة والسلام على نبيه الأمين .. الراحم ببعثته جميع العالمين، وعلى آله وصحبه المهتدين.
وبعد:
أخي المسلم: النفوس لا ترتقي إلى مدراج الشرف الرفيع إلا بالمكارم والآداب السامية، ولا تنحط في مهاوي الخمول والدركات الرَّدية، إلا بسوء الأدب وقبح الطِّباع.
لذلك أخي أدَّب الله تعالى عباده المؤمنين بما شرعه لهم من الدين الحق، وجعل لهم فيه مدرسة يتعلمون فيها محاسن الأخلاق ومفاخر الآداب؛ فلا أدب أخي لمن لم يتأدب بأدب الله تعالى، ولم يتخلق بمحاسن الخصال التي أدبه بها!
وقد جمع الله تبارك وتعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - جوامع الكلم في كتابه المحكم ونظم له مكارم الأخلاق كلها في ثلاث كلمات فقال:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩]؛ ففي أخذه العفو صلة من قطعه، والصفح عمن ظلمه، وفي الأمر بالمعروف تقوى الله وغض الطرف عن المحارم، وصون اللسان عن الكذب، وفي الإعراض عن الجاهلين تنزيه النفس عن مماراة السفيه ومنازعة اللجوج) (١).
وقال بعض الحكماء:(اعلم أن جاهًا بالمال إنما يصحبك ما صحبك المال وجاهًا بالأدب غير زائل عنك).