ثم إنك لترثي لحالهم أكثر، وأنت ترى ما يلحقونه بأنفسهم وبأبنائهم من الأذى والجراحات، وإراقة الدم وضرب الصدور والظهور بالسلاسل، تقربا إلى الله، فلم يكفهم الأذى المعنوي والنفسي الذي ألحقوه بهم، حتى أثخنوهم بالجراح، وآلموهم بالسياط، وأخذوا أموالهم باسم الخمس، واستحلوا فروج بناتهم باسم المتعة، وجعلوهم أضحوكة الأولين والآخرين، «ومن يهن الله فماله من مكرم إن الله يفعل ما يشاء».
[عقيدة التقية]
لقد عرف الفكر الإسلامي عبر التاريخ، الكثير من التيارات الفكرية، والمذاهب العقدية، المختلفة والمتباينة، لكن أكثرها دهاءً وتلونا، وأقدرها على التغلغل برفق في المجتمعات، والذوبان بسلاسة في مختلف البيئات، هو المذهب الشيعي، فقد استفاد من الصياغة اليهودية المتقنة لعناصر التخفي والبقاء، وأتقن متَّبعوه سلاح التقية، وتلقوه عقيدة ودينا، وتربوا عليه منذ نعومة أظافرهم، فعاش هذا المذهب مستخفيا عبر الزمن، يخفي عقائده، ويواري أفكاره، ولم تُعرف الكثير من كتب المذهب الشيعي إلا بعد قيام الدولة الصفوية في إيران، وإلا بعد انتصار ثورة الخميني، حيث طبعت كتبهم واطلع العالم المسلم على هذا المذهب، وكان كثير من عقائده في طي الكتمان.