لقد ظهر الاختلاف والتفرق في المسلمين، بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت تلك الحادثة الأليمة، الشرارة الأولى للحروب الدامية التي اندلعت في الأمة الإسلامية ودارت رحاها على أبناءها، وتلاحق الشهداء من كلا الفريقين المتنازعين، إلى أن انتهت بتنازل الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، حقنا للدماء وتوحيدا للكلمة، وأصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين، وكان هذا هو المصداق لقول الرسول الكريم، حين نظر إليه فقال:«إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين»(١)
فتوحدت كلمة الأمة الإسلامية، واجتمع أمرها، وانطفأت الفتنة، وسمي ذلك العام بعام الجماعة سنة ٣٢ للهجرة.
وقد ألقت مسألة الخلافة بظلالها على هذا الصراع، فكان في عمقه صراعا دينيا وإن كان ظاهره سياسيا، فلم يكن صراعا على السلطة بقدر ما كان صراعا على مبادئ الشريعة وحرصا على تطبيق ما يراه كل فريق من الفريقين،