لذلك انتشرت المظاهر الشركية داخل هذا التأصيل، وفرخت القبورية في هذه العقائد، وباضت وعششت في تلك العقول، فما دمنا لا نقصد في هذا المقبور أنه إله، فلا بأس في كل فعل نتوجه به إليه، وإن كان عبادة محضة، وفعلا يختص بالله تعالى ...
فالدعاء الذي هو خالص العبادة، وأعلى مقاماتها، يوجه بكل خضوع وخشوع، وبعد غسل وتطهر -هذا من الآداب اللازمة للزيارة- إلى الحسين وأبناءه الأوصياء، وتذرف عند مشاهدهم العبرات، وتنفطر القلوب، وكلنا رأى ما تبثه القنوات الفضائية من أحوال وأهوال، وكيف تجتمع تلك الجحافل، عند تلك المشاهد، بين متمسح وباك وداع، ويتحملون في ذلك من المشاق والتكاليف ما سيسأل عنه معمموهم ومشائخهم.
وكما تقرر في الباب قبله، فإن الرحمات الربانية، والنفحات القدسية، والنفع والضر، والمغفرة والتوبة، كل ذلك جعله الله بيد وسائطه إلى خلقه، «ووسائله وأدواته التي يرحم بها عباده»، فلا غرو أن تمتلئ هذه القلوب بالرغبة والرهبة، وتصرف ما تستطيع من الدعاء والإنابة، إلى من هم وسائط الرحمة، ووسائل العطاء ...
ويتطور الحال حتى لا يبقى في القلب رجاء أو توكل أو خوف إلا ويصرف لهؤلاء الأئمة الأطهار، ويخلوا من كل تعلق بالرب الغفار،