وقتلوا كل من خالفهم، وقد كانوا في غاية من القلة والذلة، بل دخل المغرب ثلاث رجال ثم كونوا بعد ذلك دولة. (١)
لكن السحر انقلب على الساحر، فقد دمرت عقيدة التقية المذهب بكامله، وقضت بناءه من أركانه، وارتدت هذه المكيدة التي أسسها منظروا التشيع على مذهبهم بالنقض والإبطال. وإليك السبب:
يقول أحد علماءهم: «غير خفي على ذوي العقول من أهل الإيمان، وطالبي الحق من ذوي الأذهان، ما بُلي به هذا الدين من أولئك المردة المعاندين -أي الصحابة- بعد موت سيد المرسلين، وغصب الخلافة من وصيه أمير المؤمنين، وتواثب أولئك الكفرة عليه، وقصدهم بأنواع الأذى والضرر إليه، وتزايد الأمر شدة بعد موته صلوات الله عليه، وما بلغ إليه حال الأئمة صلوات الله عليهم من الجلوس في زاوية التقية، والإغضاء على كل محنة وبلية، وحث الشيعة على استشعار شعار التقية، والتدين بما عليه تلك الفرقة الغوية -أي التدين بدين أهل السنة-، حتى كُورت شمس الدين النيرة، وخسفت كواكبه المقمرة، فلم يُعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل، لامتزاج أخباره بأخبار التقية، كما قد اعترف بذلك ثقة الإسلام وعلم الأعلام محمد بن يعقوب ... فصاروا صلوات الله عليهم محافظة على أنفسهم وشيعتهم، يخالفون بين الأحكام وإن لم يحضرهم أحد من أولئك الأنام، فتراهم يجيبون في المسألة الواحدة
(١) انظر أخبار الدولة الفاطمية وما صنع دعاتها، تاريخ ابن خلدون ج ٤ ص ٣١ فما بعدها